في محاولة جريئة وغير مسبوقة استضافت المملكة العربية السعودية مؤتمراً دولياً حول الإرهاب شخصت فيه المشكلة محاولة وضع الحلول، بعيداً عن أي تشنجات أيديولوجية وقطرية وشعوبية لتضع النقاط على الحروف من خلال أكبر تجمع دولي حول الإرهاب ماهيته وأسبابه وطرق تغذيته. إن الفكرة بحد ذاتها جريئة وعملية، ذلك أن إصرار بعض الدوائر الغربية من المؤسسات الرسمية أو الشعبية تحاول بوعي أو لا وعي ربط الإرهاب بالإسلام أو العرب وهذا التصور القاصر ناتج عن ضعف تواصلنا كمسلمين وعرب مع الدوائر والمجتمعات الغربية مما شكل هذه النظرة القديمة الجديدة فمنذ الثمانينيات والمغالطات موجودة ابتداء من استوديوهات هوليوود والصحف الشعبية وانتهاء ببعض المؤسسات شبه الرسمية ومراكز البحوث والدراسات في الولايات المتحدة وأوروبا إلى أن جاءت أحداث سبتمبر المشؤومة، لترسخ هذه الفكرة الجاهزة للمجتمعات بأن الإرهاب له ارتباط وثيق بالإسلام والعرب، وإن مما لا شك فيه أن سعي المملكة واضح وصريح في الدفاع عن هويتها وقوميتها دون نفي لوجود نماذج من داخل هذه الأيديولوجيات تتبنى الإرهاب والعنف وتنتصر له. ولعل من المفارقات العجيبة أن نجد التعامل الغربي يميل إلى العقلانية والانضباط وعدم التعميم إذا كانت الأحداث ناتجة بسبب أيديولوجيا وقوميات غير شرقية، فلا يقحم الدين فيها ولا العرق علماً أنها قد تكون أكثر وضوحاً وتطرفاً من غيرها، فالحركة العنصرية في الولايات المتحدة الأمريكية مدعومة من قبل بعض رجال الكنيسة والحركة العنصرية في جنوب أفريقيا غير خفي البعد الديني لها من خلال استهداف مساجد المسلمين في 2002م، ومع ذلك فإننا نرفض كما يرفضون هم التعميم على أنه منهج الكنيسة أو رجال الدين فلماذا هذه الازدواجية تجاه الإسلام وكان الأمل معقوداً على أن يخرج هذا المؤتمر ولو بتعريف دقيق عن الإرهاب دون ربطه بدين أو قومية وإنما هو ظاهرة عالمية لا دين لها ولا لغة، ومن خلال ذلك نستطيع أن نعمل سوياً وبنوايا صادقة وبدافع صلة الإنسانية وصالح البشرية لحل مشكلة الإرهاب دون إقحام للدين في هذه المشكلة، ومن خلال الرصد والمتابعة من قبل المهتمين بهذا الشأن فإن هناك علاقة وطيدة بين الإرهاب وغسيل الأموال وبعض ألوان التجارة الدولية المحرمة، وإن كان من ملاحظة على المؤتمر فهو إغلاق جلساته وقصره على السياسيين والمدعوين الرسميين مما قلل تفاعل الأوساط الثقافية ومن ثم الشعبية مع ما يقدم من خلاله من أوراق عمل تنعكس بشكل أو بآخر على محاصرة الإرهاب والوعي بطرقه وأساليبه وعلاجه.
|