Wednesday 16th February,200511829العددالاربعاء 7 ,محرم 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "محليــات"

يارايارا
من الافتراش إلى الاختراش
عبد الله بن بخيت

يتحدث الإعلام هذه الأيام عن ظاهرة الافتراش، عن الحجاج الذين ينامون في الشوارع بلا مأوى، وهي كلمة مهذبة بديلة عن كلمة تشرد.
تقول آخر الأخبار إن المواطنين قدموا ما في وسعهم لإعالة الحجاج ومساعدتهم على تحمل معاناة الافتراش حتى يفرجها الله، ومن بين مفترشي أراضي جنوب جدة هناك عدد من الأطفال، في ظني بعض هؤلاء لم يأت إلى الحج فالحاج لا يمكن أن يصطحب معه أطفاله، فالإنسان الذي يأتي بطاقم العائلة كاملا له أهداف أبعد من مجرد أداء الفريضة، لا أعرف كيف تسمح القوانين للحجاج اصطحاب أطفالهم معهم، فالحج يجب ان يقتصر على المكلف القادر فقط.
مشكلتنا مع الحج أنها تظاهرة فريدة من نوعها لا يشاركنا فيها أحد، مفهوم التزاحم والتجمع في مكان واحد في وقت معين لا يكفي لتشبيه ظاهرة الحج بأي ظاهرة أخرى تحدث في العالم، فالاحتشاد في الحج مربوط بتعاليم دينية واضحة لا يمكن التدخل فيها.
سبق أن تحدثت عن رغبة وزارة الحج في الاستعانة بخبرات أجنبية للمساعدة على إدارة الحشود، صرح بذلك الأستاذ اياد مدني عندما كان وزيراً للحج وقد انتقدت الفكرة وأغلظت الانتقاد في حينها، فالمملكة يجب ان تكون مصدر الخبرة في إدارة الحشود وملحقاتها من افتراش وتدافع وغير ذلك، اليوم أرى غير ذلك، لم أعد أرى أن فكرة الاستعانة بالخبرات الأجنبية في الحج سيئة بل ربما تكون رائعة جداً، بصراحة علي ان أمتدح الفكرة بأسرع وقت، لم يعد أمامي أي خيار، لقد أصبح إياد مدني وزير الثقافة والإعلام ورئيس رئيسي، وهو صاحب التصريح وربما يكون صاحب الفكرة من أساسها، وكما علمتنا أدبيات الإدارة، رئيسك دائماً على حق، فنحن في الجرائد كما لا يخفى على الأستاذ إياد مدني يحق لنا نقد كل الوزارات والإدارات باستثناء وزارة الثقافة والإعلام، خوفاً وطمعاً، وليسمح لي الأستاذ إياد مدني أن آخذ فكرة الاستعانة بالخبرات الأجنبية في إدارة الحشود إلى أبعد لعلها تكون إن شاء الله بداية طيبة، لم يعد للأستاذ إياد مدني علاقة بمشكلة الحشود والافتراش ولكن طالما أنه استمر وزيراً فأعتقد أن له علاقة وثيقة بظاهرة شبيهة بها وهي ظاهرة الاختراش، فالافتراش والاختراش يتشابهان من وجوه متعددة، فالذي يفكر في حل مشكلة الافتراش يستطيع أن يفكر في حل مشكلة الاختراش، الشيء المهم أن ظاهرة الافتراش ظاهرة مؤقتة بينما ظاهرة الاختراش مزمنة وتعاني منها معظم الوزارات والإدارات، أعتقد أن أفضل طريقة لتحسين عمل الوزارة أي وزارة سعودية هي بإزالة الاختراش، والاختراش هو الحشود الفاضية في الوزارات، العمالة الزائدة من موظفين وفنيين الخ الذين يخترشون في الأسياب والممرات ويشغلون الماصات والمقاعد بدون شغل ويستلمون رواتب آخر الشهر.
في زمن التطلعات الكبيرة في الثمانينات من القرن الماضي قمنا في وزارة البرق بدراسة صغيرة عن ظاهرة الاختراش، للأمانة لم نكن نسميها اختراشاً، كنا نسميها العمالة الزائدة، فاكتشفنا ان عدد المخترشين يفوق عدد العاملين النشطين بأكثر من الثلث، ومشكلة الاختراش لا تكمن في الزيادة العددية أو في الرواتب التي تصرف بدون وجه حق ولا تكمن كذلك في البطالة المقنعة ولكنها تكمن في تعطيل العمل وتطويله وتكسيل العاملين النشطين بالمثال السيئ وتضييع المسؤولية، إذا كان الأستاذ إياد مدني قد تبنى فكرة الاستعانة بشركات أجنبية لإدارة الحشود والافتراش في الحج فقد حان الوقت لتفعيل وجهة نظره لتطبيقها في وزارة الثقافة والإعلام لوضع حد لظاهرة الاحتشاد الوظيفي والاختراش.

فاكس: 4702164
yara4u2@hotmail،com

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved