عراق ما بعد الانتخابات

يبدو من المهمّ الحفاظ على قدر من التواصل العراقي - العراقي في كلّ الأحوال، حتى تلك التي تصل فيها المعارضة في التوجّهات والأفكار إلى درجتها العظمى. ورغم كلّ الظروف التي أحاطت بالانتخابات العراقية من مباركة لها من قبل البعض، ومن ثم مشاركة قوية لهم فيها، ورفضٍ من تيارات أخرى وصل درجة المقاطعة القصوى؛ باعتبار أن الأمر كله يجري تحت الاحتلال، وبإرادته المعبّرة عن توجّهاته المتعارضة تماماً مع الطموحات العراقية.
نقول إنه رغم ذلك فإن حقائق الوضع تستلزم استثمار المعطيات الحالية بما فيها من نتائج انتخابية؛ من أجل الدفع باتجاه تعزيز، أو ترميم الحالة الوطنية بأدوات ديموقراطية؛ فالديموقراطية مرحلة يبدو أن العراق يستشرفها؛ إذ إنه يضع أولى خطواته في هذا الميدان الفسيح للعمل الوطني، ومن ثم فإن ما جرى من انتخابات ومقاطعات لا ينبغي أن يسفر عن حالة من الفرز القوية وصولاً إلى الإقصاء؛ فالذين لم يشاركوا ينبغي احترام وجهات نظرهم واستيعابهم في مهام الوطن والحكم المقبلة، وما أكثرها!
والأمل دائماً أن تكون اللحمة والوحدة العراقية في قمة الوضوح؛ لأن مجرد ذلك يعني أن الشعب العراقي يستوعب القواعد الديموقراطية، وأنه جدير بأن يمتلك نواصي الحالة الديموقراطية ويسلك وفقاً لها، وأن الذين نالوا حصة كبرى في هذه الانتخابات قادرون على تقدير الظروف التي دفعت الآخرين إلى الإحجام عن الإدلاء بأصواتهم، وأن ذلك ليس نهاية المطاف، وأن مجال العمل الوطني يتسع لكل وجهات النظر وفقاً لقواعد اللعبة الديموقرطية.
الشيء المهم أيضا أن الوحدة العراقية، وهي تتأكد وفقاً لما ذهبنا إليه، ستكون رداً بليغاً على كلّ مَن يراهن على التشرذم العراقي، وربّما يعمل وفقاً لهذا الرهان؛ للإبقاء على وجود أطول للاحتلال؛ ومن ثمّ فإن التضامن العراقي يشكل إحدى أدوات إقناع الاحتلال بالرحيل؛ لأن التضامن يعني أن البديل العراقي مؤهل لتولي المهام كافة، وأن من الأفضل للجميع عراقيين ومحتلين أن تعود الأمور إلى أصحابها.