Monday 7th February,200511820العددالأثنين 28 ,ذو الحجة 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "مقـالات"

الحبر الأخضرالحبر الأخضر
(معاً ضد الإرهاب)
د. عثمان بن صالح العامر

تذكر الإحصائيات أن الشباب في المجتمع السعودي يمثلون حوالي 46% أي ما يقارب نصف المجتمع تقريباً والناظر المتمعن في حال هذا النصف يلحظ أنهم فئات ثلاث:
* فئة مستقيمة : على النهج القويم عرفت جادة الحق ولزمت منهج الصواب وهؤلاء هم الكثرة - بإذن الله - ندعو لهم بالتوفيق والدوام ونشد على أيديهم.
* فئة ثانية وقعت في براثن الرذيلة وقارفت مهاوي الفساد: وهؤلاء نسأل الله لهم الهداية والعودة إلى جادة الصواب، والواجب نحوهم دعوتهم وإرشادهم وبيان الحق لهم (أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر).
* أما الفئة الثالثة: تجاوزت حد الوسطية حتى وصمت بالتطرف والإرهاب نتيجة أسباب عديدة أولها وأهمها: الفهم الخاطئ للنص الشرعي، وعدم إدراك الواقع، وغياب الترتيب الصحيح للأولويات، وعدم الأخذ عن كبار العلماء وأهل الذكر الذين أمر الله المسلم بالتوجه لهم حين السؤال، ومع أن المتطرفين في المجتمع السعودي شواذ قلة - والشاذ لا حكم له - إلا أن تطرفهم الإفسادي - المنكر - جعل البعض من الكتاب الغربيين وغيرهم يصم هذه البلاد وأهلها بالإرهاب بل وصل الأمر بوصم رسول الأنام محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام بهذه السمة، وهذا محض افتراء وأدلة نقضه كثيرة ليس المقام مقام التذكير بشيء منها، كما أن ما قيل عنا نحن أبناء هذا الوطن ليس لهم عليه برهان، ونحن أول من اكتوى بنار الإرهاب ولست هنا بصدد تقديم حجج العلماء القوية على براءة الإسلام والمسلمين من هذه التهمة كما أنني لست معنياً هنا بعرض نتائج الأبحاث والدراسات المتخصصة التي دلت وبصورة قاطعة يشهد لها الواقع، وتبرهن عليها الأحداث من أن أفراد المجتمع السعودي براء من ثقافة الإرهاب وفكر الغلو والتطرف.. ويبقى واجب الاعتراف بوجود هذه الثقافة وحمل هذا الفكر لدى فئة ولو قليلة جداً من شبابنا في هذا الوطن، وهي فئة مع قلة عددها إلا أنها ذات أثر سلبي واسع داخلياً وخارجياً، وأعتقد أن من يتابع تداعيات الأحداث التي توالت علينا في هذا المجتمع الآمن من قبل هذه الفئة وفي هذا الزمن بالذات يدرك أن الإشكالية لا تكمن خطورتها في الفعل الظاهر المتمثل في صورة تفجيرأو إتلاف الممتلكات أو إراقة لدماء محرمة معصومة - مع خطورة ذلك وشناعته - فحسب وإنما مكمن هذه الخطورة في الفكر الذي يغذي هذا السلوك الإجرامي الذي يصل إلى حد الانتحار - قتل النفس - ويبرره بل يجعله في اعتقاد مرتكبه سلوكاً مشروعاً ويتقرب به إلى الله، وبابا من أبواب الجنة الثمانية.
لقد جاءنا بها - رسول الله صلى الله عليه وسلم - ببيضاء نقية، تركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، رسم لنا خطاً مستقيماً وخطوطاً عن يمينه وشماله على رأس كل منها شيطان، ووصف لنا هذا الخط المستقيم بأنه طريق الجماعة، الطريق المؤيد من الله، المواجب على المسلم لزوم جماعة المسلمين وإمامهم، وفي هذا ضبط لمسار التفكير ووقاية له من الزلل والشطط والانحراف.
إن خطورة هذا الفكر المنحرف تكمن في عدة أمور أهمها:
1 - أنه فكر يستهين بالحرمات والدماء المعصومة، وأي شيء أعظم من ذلك (لزوال الدنيا بأسرها أيسر من قتل امرئ مسلم).
2 - أنه فكر يستهين بنعمة الأمن وهي النعمة التي لا تعدلها إلا نعمة الإيمان والتوحيد.
3 - الاستهانة بمبدأ طاعة ولي الأمر وهو المبدأ الشرعي الذي لا تكاد تجد مؤلفاً في أصول عقيدة أهل السنة والجماعة إلا وعده أصلاً من أصولهم بل لقد عد الإمام محمد بن عبدالوهاب- رحمه الله تعالى - الفرقة وعدم الطاعة من مسائل الجاهلية.
4 - الاستخفاف بأهل العلم وتجهيلهم واتهامهم بالجبن والخوف والمداهنة حين الصداع بالحق وقول كلمة النصح لولاة الأمر.
5 - الجرأة على التكفير وما أدري ماذا يفعل هؤلاء بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (أيما امرئ قال لأخيه: يا كافر، فقد باء بها أحدهما وإن كان كما قال وإلا رجعت عليه) وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل (يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من قول خير البرية يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية لا يجاوز إيمانهم حناجرهم) رواه البخاري.
والواجب علينا جميعاً الإدانة الصريحة والواضحة التي لا لبس فيها ولا عوج لهذا العمل المشين المحرم إذ ليس في صنيع هؤلاء المتطرفين منزع عذر ولا باب اعتذار، كما أن من الواجب الحذر من نسبة هذا السلوك إلى منهج الإسلام الصحيح ودعوته الحقة أو حتى للمجتمع السعودي الذي يمقت هذا التوجه ويدينه، يصاحب ذلك ويرافقه محاسبة أنفسنا وإعادة ترتيب بيتنا الداخلي من جديد والالتفاف حول ولاة أمرنا وعلمائنا ولنكن مثالاً حياً للمواطن الصالح والجندي الفاعل ولندرك مسؤولياتنا ولنعِ دورنا في هذا الظرف الزمني الصعب نحو أبنائنا وبناتنا (فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته..)ولنحذر من الأقاويل وسوء الظن وكثرة النجوى فهي أمراض خطيرة تعصف بالمجتمعات وتهلك الحرث والنسل، ولندعُ الله عز وجل بأن يحفظ بلادنا ويعلي رايتنا ويديم عزنا ويشد أمننا ويصلح شأننا ويجمع كلمتنا على ولاة أمرنا، وأن يجعلنا من المتقين الشاكرين فبالشكر تدوم النعم.

Nwr87.msn.com

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved