يحتفل العقاريون مساء اليوم بانطلاقة معرضهم في نسخته الثانية في منطقة القصيم تلك المنطقة التي اشتهر أهلها ببراعتهم في مجال التجارة حتى قبل اكتشاف النفط وتحديداً منذ أيام رحلات العقيلات المشهورة وتبرز تجارتهم في العقار والزراعة والتسويق الزراعي على وجه الخصوص. تلك الخاصية هي ما دفع رجال الأعمال من عقاريين وأصحاب مؤسسات البناء والمعمار للمشاركة في هذا المعرض بعد النجاح الباهر للمعرض في نسخته الأولى.. وفيه سيتسابق العقاريون لتقديم مشاريعهم وعروضهم العقارية من مساهمات واستثمارات فضلاً عن المحاضرات والندوات التي تعرف بهذه الأنشطة وتزيد من الإقبال عليها كما هو معمول به في المعارض المماثلة.. وهو حق مشروع لهم لخدمة شركاتهم ومؤسساتهم العقارية. غير أن ذلك وحده لا يحقق الهدف المنشود من إقامة مثل تلك المعارض وهو كسب ثقة المستثمر أو المساهم أو الزبون العقاري إن جاز التعبير .. فهو المستهدف الأول في هذا المعرض وتباهي الجهة المنفذة بإصدار أحصائيات بعدد الزائرين وربط ذلك بنجاح المعرض يكشف حجم الاهتمام به.. لكن هذا المسكين حينما يدلف إلى أروقة المعرض ليبحث عن الجديد والمفيد في آن معاً يصطدم بتكرار ما يشاهده في المكاتب والشركات العقارية من بروشورات وقوائم بعروض جديدة وزركشات إعلامية مكرورة. والمستثمر والمواطن بشكل عام يبحثان في دهاليز هذه المعارض ولدى أرباب العقار عن سبب خدش الثقة بين المستثمرين وأصحاب المساهمات العقارية. ولماذا تحول هذا النشاط المربح جداً والآمن إلى نفق مظلم بفعل التأخير والتسويف والتعثر في صرف حقوق الناس فضلاً عن أرباحهم وأعرف هنا مساهمة في مدينة بريدة منذ ما يزيد عن عشرين عاماً لم يستلم أصحابها حقوقهم ومن هؤلاء من انتقل برحمة الله تعالى إلى الدار الآخرة.. وصاحب المساهمة حي يرزق؟! نعم مثل هذه التعثرات نادرة لكنها خدشت الثقة وتسللت المخاوف للمقدمين على المساهمات وهو ما يجعلنا نطالب بالشفافية لكل ما من شأنه خدمة هذا النشاط.. وأرى أن تتبنى وزارة التجارة والصناعة المعنية بإقامة المعارض ضرورة طرح ورقة عمل ذات شقين: الشق الأول: وهو ما يخص الجهات الرسمية ذات العلاقة عن مسببات التعثر وتتمثل في وزارة التجارة والصناعة والبلديات وكتابات العدل . الشق الثاني: ويتعلق بأصحاب المؤسسات والشركات العقارية من منفذي المساهمات بأنواعها: على أن يتولى عملية الطرح خبراء عقار واقتصاديون من الأكاديميين والاستشاريين وقضاة وكبار المسؤولين في البلديات وتكون على شكل مناظرات علنية. وتتاح الفرصة للمداخلات للمستثمرين لعرض شكاواهم وملاحظاتهم وللعقاريين لتبرير مواقفهم والدفاع عن كل ما يمسهم من قصور. وبذلك نكون قد خدمنا نشاطنا العقاري بشكل إيجابي واقتصادنا من تدفق أموال المستثمرين إلى خارج الحدود كما هو حاصل الآن بكل أسف في الدول القريبة المجاورة معتقداً في أن العقاريين هم أسعد الناس بمثل هذه الشفافية وتلك الأطروحات التي حتماً ستعالج الكثير من مشاكلهم وبالتالي ستزيد من نشاطهم فالذي لا يمكنه الروتين الحكومي في المحاكم والبلديات والتجارة أيضاً من تنفيذ أكثر من مساهمة في السنة سيتمكن من تنفيذ ثلاث أو أربع.. كما أن السوق العقاري سيلفظ المماطلين والذين دلفوا إلى السوق العقاري من باب الصدفة وأخذوا يتلاعبون بأموال عباد الله وبذلك ستخلو الساحة لأهل الخبرة وللخيرين في هذا المجال الذين يراعون ذممهم وتأبى ضمائرهم أكل حقوق الآخرين.. وبالتالي ستزيد أرباحه ويزدهر نشاطه ويستفيد المستثمر من عوائد استثماراته ويطمئن قلبه في أن أمواله في أيدٍ أمينة.
(*) مدير المكتب الإقليمي لجريدة «الجزيرة» بالقصيم |