السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: سؤال يتردد كثيراً على الألسنة بعد موسم كل حج، كيف يتم التغلب على ظاهرة افتراش بعض الحجاج الأرض في المشاعر المقدسة؟. والإجابة على هذا السؤال، تكمن في معرفة الأسباب الداعية لذلك. وهي كما يلي: * كثرة أعداد المتخلفين بعد أداء العمرة، أوالذين أدوا الفريضة دون تصاريح رسمية، وقد أقرت وزارة الحج بوجود مايقارب 800 ألف حاج خلال موسم حج هذا العام. (جريدة الجزيرة عدد 11804). * كثرة أعداد المفترشين للأرض: قللت من الشعور بسوء هذا السلوك المقيت، الذي يجعل من صاحبه فرجة لأنظار الآخرين وازدرائهم. فهذا المفترش لايجرؤ أن يفعل مثل ذلك في أي تجمع بشري، يكون عدد المفترشين فيه قليلاً، فلم نر مفترشين في المصائف أو الأماكن السياحية. لذا معالجة هذه الظاهرة بالتقليل من أعداد المفترشين، نهج فعال في الحد من تلك الظاهرة. * غلاء أسعار حملات الحجاج: والتحديد الذي أقرته وزارة الحج مناسب، ولكن لابد من التأكيد الشديد، على ضرورة توفير السكن والمعيشة للحجاج الذين ستتولى هذه الحملات أمرهم، فالحملات التي أسعارها (800) ريال. قد تحصر مهمتها في إيصال الحاج للمشاعر، وإعادته بعد انتهاء مناسك الحج. مثلما هو حاصل الآن من بعض الحملات ذات الأجور المتدنية. * ضعف الدخل: إذ إن كثيراً من العمال يحرص على أداء فريضة الحج ما دام في المملكة، فهو يراها فرصة قد لا تتكرر، فيلتحق مع حملات شعارها (ذهاب وإياب) فقط، فيقبل بسبب ضعف الدخل. وهذه فرصة ثمينة، لمن وسع الله عليهم وأغدق عليهم من جزيل عطائه، في المساهمة في تجهيز مثل هؤلاء الحجاج إما بنقد القيمة للحاج بنفسه أو عن طريق دفعها للحملات التي تعاقد معها هؤلاء الحجاج، أو الاتصال بمكاتب الجاليات. والدال علىالخير كفاعله، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة. * ضعف استشعار المقاصد التعبدية من أداء مناسك الحج: فبعضهم يرون أنها أيام معدودة، ومن ثم سيمضونها كيفما أتفق. لذا لابد من الإكثار بجانب الحديث عن أحكام الحج وشروطه وواجباته.. من توضيح المقاصد الشرعية من التنقل بين المشاعر المقدسة، ووجوب التستر ومراعاة مشاعر الآخرين، والتفاني في خدمة الحجاج، والتعاون مع الجهات المعنية بشؤون الحجيج. * الرغبة في القرب من مكان رمي الجمرات والمرافق العامة: حيث يجد بعضهم صعوبة التنقل بين المشاعر، أو الوصول للمرافق العامة. لذا لابد من دراسة إمكانية تسيير قطارات، تتحرك بين المشاعر، وبين مكة ومنى. * شعور بعض المعنيين بشؤون الحج، بتأنيب الضمير في حال التشديد على هؤلاء المفترشين: حيث اعتقادهم في أن الحاجة هي التي دفعتهم لفعل ذلك. وخشية من التسبب في حرمانهم من الحج، أو التضييق عليهم، كل يترك مسؤولية مباشرة التعامل معهم للجهة الأخرى، أو لفرد آخر، لذا لابد من توضيح الموقف الشرعي من هؤلاء المفترشين، وكيفية التعامل معهم، وتزويد الجهات المعنية بالحكم الشرعي، حتى يكون المباشرين في التعامل مع هؤلاء، على بصيرة من أمرهم. * بعض ممن يفترشون الأرض، قد حج مراراً وتكراراً ومن المقتدرين. لذا يجب على العلماء والدعاة في داخل بلادنا وخارجها، لفت انتباههم لكثرة أبواب الخير وتنوعها، وأن من جهز حاج ومكنه من أداء الفرضة، فله مثل أجره. * يحسن بالجهات المعنية بشؤون الحج، أن يقتصروا على ما يحتاجونه بالفعل من أماكن. * عدم مبالاة بعض القائمين على حملات الحج بهؤلاء المفترشين -وأغلبهم إن لم يكن كلهم من غير السعوديين- والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه..) لو أن حملات الحجاج فعلت هذا الحديث الشريف مع هؤلاء الحجاج المفترشين الذين لا مأوى لهم، فاستضافت كل حملة عدداً منهم، فستكون مساهمة فعالة في الحد من الافتراش، وتحقيق للأخوة الإيمانية في أبهى صورة، مع الأجر العظيم. * الشح: فبعض من هؤلاء المفترشين من المقتدرين ماديا، حيث ورد في تقرير وزارة الحج، أن من بينهم أطباء وموظفين ومقتدرين. وهذا ناتج عن قصور في الفهم، إذ تجد أحدهم يجود بالمال الكثير في سبيل رحلاته ونزهاته هنا وهناك، ثم يشح بالمال وهو يؤدي هذا النسك العظيم. وما علم مثل هؤلاء أن كل جهد يبذل ومال ينفق، يضاعف لصاحبه الأجر، أضعافاً كثيرة. * بعضهم يستغل موسم الحج في إظهار فاقته وحاجته، لاستدرار عطف الآخرين، خاصة وأن الناس في هذه المواقف ترق مشاعرهم، فتطيب نفوسهم بالبذل والعطاء. * انعدام الشعور بمعاناة الآخرين عند بعض ممن يفترشون الطرقات، ويحيطون بالمرافق العامة: حيث لايبالي أحدهم بما يعانيه إخوانه، في تنقلاتهم لإتمام مناسك الحج، ولا يخطر ببالهم العواقب السيئة حينما يتسببون في إعاقة الجهات المعنية من القيام بمهامها، فقد تمثلت فيهم الأنانية وحب الذات في أقبح صورة. * تكثيف الحملات الإعلامية التي تحذر من الافتراش، ومن لم يستجب يطبق في حقه النظام بحزم. وختاماً: ترك هذه الظاهرة دون حلول جذرية، فيه تشويه كبير لما تبذله حكومتنا الرشيدة حفظها الله، من جهود جبارة في خدمة الحجيج، فمنظر هؤلاء المفترشين يتيح للمغرضين والجاهلين، اتهام بلادنا بالتقصير في خدمة الحجيج، وفي ذلك أيضا إعاقة للجهات المعنية، عند ممارستها لمهامها في تقديم الخدمات المتنوعة للحجاج، ويحد كذلك من استخدام المرافق العامة علىأكمل وجه، حيث إحاطتهم بها من كل جانب.
محمد بن فيصل الفيصل /المجمعة
|