الحمد لله الذي شرع لنا خير الشرائع ورضي لنا الإسلام دينا، وقال: {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ}وقال: {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}. وصلى الله وسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وأفضل الأنبياء والمرسلين وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجه وتمسك بسنته إلى يوم الدين..وبعد : فإن الإسلام هو الاستسلام لله بالتوحيد. والانقياد له بالطاعة، والخلوص من الشرك والبراءة منه ومن أهله. وهو بهذا التعريف شامل لدين جميع الأنبياء والمرسلين. فالإسلام هو عبادة الله بما شرعه في كل وقت بحسبه ولما بعث محمد صلى الله عليه وسلم صار الإسلام هو ما جاء به، ونسخ ما عداه من الأديان فمن لم يتبع هذا الرسول فليس بمسلم. قال الله تعالى: {فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ َ}فمن لم يتبع هذا الرسول زاعماً أنه يتبع نبياً غيره فهو يتبع لهواه، وليس متبعاً لذلك الرسول الذي يزعم أنه يتبعه لأنه بعد بعثة هذا الرسول أمر الناس كلهم باتباعه كما قال له ربه: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يسمع بي يهودي ولا نصراني، ثم لا يؤمن بالذي جئت به إلا دخل النار) فلا يسع أحد من أهل الأرض إلا أن يتبع هذا الرسول ومن زعم أن أحداً يسعه الخروج عن دين هذا الرسول؛ فهو كافر إن لم يتبعه أصلاً، وزعم أنه يسعه البقاء على دين نبي سابق له، وإن كان مؤمناً بهذا الرسول لكن رأى هذا الرأي فهو مرتد عن دين الإسلام، يستتاب فإن تاب وإلا قتل فما نسمعه الآن من أن اليهود والنصارى مسلمون، وأنهم إخوان لنا في الدين هو كفر بالله وخروج عن شريعة الإسلام؛ لأن الشرائع السابقة قد نسخت بهذه الشريعة المحمدية والبقاء على الدين المنسوخ كفر، وهذا الدين المحمدي يتكون من خمسة أركان: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج بيت الله الحرام من استطاع إليه سبيلاً.. وهذه أركانه التي ينبني عليها، وبقية الواجبات وتجنب المحرمات مكملة لهذه الأركان كما جاء في الحديث : (بني الإسلام على خمسة أركان..) وذكر هذه الأركان وهذه الأركان شُرعت مرتبة على التدريج، فأولها : الأمر بالشهادتين وهو الذي بدأ النبي صلى الله عليه وسلم دعوته إليه، وبقي ثلاث عشرة سنة بمكة يدعو الناس إليه، فلما تقرر هذا الركن الأساس فرضت الصلاة قبل الهجرة بمدة يسيرة، ثم في السنة الثانية بعد الهجرة فرضت الزكاة والصيام، ثم في السنة التاسعة من الهجرة فرض الحج.. ومن حيث تكرار هذه الأركان فالركن الأول وهو الشهادتان يتكرر في كل لحظة من حياة المسلم قولاً واعتقاداً، وعملاً لا يتخلى عنه المسلم في لحظة من لحظات حياته، والصلاة تتكرر في اليوم والليلة خمس مرات وصلاة الجمعة من كل أسبوع والزكاة والصيام يتكرران كل سنة، والحج مرة واحدة في العمر مع الاستطاعة ثم المجال واسع بعد تحقيق هذه الأركان للمسلم في العبادات، فرضها ونفلها فكل فريضة شرع للمسلم مثلها من التعبد والتزود، ثم هذا الإسلام يتعامل أهله مع غيرهم من أهل الأديان بالعدل في التعامل والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن ثم بالجهاد لمن عاند وأراد طمس هذا الدين ونشر الكفر، ثم بالوفاء بالعهود مع المعاهدين من أهل الأديان الأخرى من ذميين ومعاهدين ومستأمنين يكفل لهم الأمن على دمائهم وأموالهم وأعراضهم ولا يقاتل الا الحربيين منهم، ولا يقتل شيوخهم وصبيانهم ونساءهم ورهبانهم ويكافىء بالإحسان من أحسن منهم إلى المسلمين قال تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ } ويبيح الإسلام التعامل مع الكفار بالبيع والشراء وتبادل المصالح والخبرات والتمثيل الدبلوماسي، ويوجب البر بالوالدين الكافرين قال تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ}هذا هو دين الإسلام. دين الرحمة للبشرية كلها : {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ }ولا نجاة في الدنيا والآخرة إلا باتباعه والتمسك به {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } الله وفقنا للتمسك بهذا الدين إلى يوم نلقاك غير مبدِّلين ولا مغيِّرين وصلَّى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
|