|
انت في "الرأي" |
|
نحن معشر الآباء وأرباب البيوت ورعاة الأسر الغالب منا كثيرا ما يتحسر على واقع أبنائه وبناته وزوجاته وذلك من جانبه التربوي بشكل عام، ولكن النادر منا من يرجع النقص والضعف في هذا الواقع إلى تقصيره وضعف عطائه في تربية أهل بيته من زوج وابن وبنت، وإنما نلقي اللوم على الأسباب والعوامل الخارجية .. فتلاحظ أن المجالس الحوارية في هذه المواضيع دائما ما ينتهي الآباء فيها بالصورة التالية، خصوصا عندما يلزم الأب بالاعتراف بأن المشكلة الرئيسية تكمن في واقع تربيته هو لأهل بيته وأبنائه وبناته فيقول حينها: (الله هو الهادي، انظر إلى فلان بذل الكثير في ... وأبناؤه فيهم وفيهم ... ...، وانظر إلى فلان لم يبذل وأبناؤه ما شاء الله مصلحون ....) وهكذا نتهرب من المشكلة .. ونصور الحقيقة مجزأة ونخفي أو نتجاهل بقصد أو بغير قصد الحقيقة الكاملة. والحقيقة أننا لم نعترف بالمشكلة .. ولتوضيح ما أرمي إليه سنسأل أنفسنا بعض التساؤلات، نحن معشر الآباء الذين نطمع في صلاح أبنائنا وبناتنا وأزواجنا ولم يتحقق لنا ذلك كل حسب واقعه .. نريد أن نسأل أنفسنا هذه الأسئلة ولكن لا بد أن نجيب عليها بصدق مع النفس وحسب الإجابة يمكن لنا أن نحدد مشكلتنا التربوية مع أسرنا فأقول مبتدئا: هل نحن قصدنا أن نبني أسرة ناجحة صالحة مصلحة .. وهل اعتبرنا هذا المشروع مشروعاً من مشاريع حياتنا؟ .. هل حددنا لهذا المشروع الأهداف القريبة والبعيدة الصغيرة والكبيرة؟ .. هل وضعنا خططا (زمنية مرحلية قابلة للتطوير والتبديل عند الصعوبات والمشكلات) ووسائل تنفيذها للوصول لهذه الأهداف؟ .. هل راعينا مستوى أفراد أسرنا لتحقيق هذه الأهداف وتنفيذ هذه الخطط المرسومة لها .. وهل نحن أشركناهم من خلال الحوار في تحديد هذه الأهداف والخطط ووسائل تنفيذها؟ .. هل نحن قدوة لهم في تنفيذ وتحقيق هذه الخطط والأهداف، وإن لم نكن قدوة لعجزنا عن تحقيقها لذواتنا هل نحن جادون معهم في نيلها ومتابعون لهم في ذلك؟ .. هل كرسنا جهدنا ووقتنا بشكل كافٍ لتنفيذ هذه الخطط والوصول إلى هذه الأهداف؟ أم أن جلّ وقتنا نبذله لتجارتنا وأعمالنا والمتعة مع زملائنا في السمر والسفر والرحلات وغيرها؟ .. هل وضعنا في حسباننا أن أبناءنا من لحم ودم ومشاعر وان اختلاطهم بالبيئة من حولهم سيؤثر فيهم وإن هذا واقع لا مفر منه، فهل حرصنا على اختيار البيئة الصالحة لهم، وأعددنا البدائل لتقليل أثر البيئة عليهم، وزرعنا في نفوسهم المراقبة الذاتية لربهم ولأنفسهم، أم انه التهديد والتنبيه والإنذار الوقتي الآني فقط مع الغفلة عن اكتشاف مؤثرات البيئة المحيطة بهم بشكل مبكر لتلافي أثرها؟ .. هل نحن استعنا بالله ولزمنا الدعاء له بعد بذل الأسباب أم أنها أماني؟ .. لا أريد أن أطيل في سرد الأسئلة وهي كثيرة جدا ولكن اللبيب بالإشارة يفهم وإنما المقصود فتح الأذهان لمثيلاتها مع التنبيه أننا يمكن تصنيف هذه التساؤلات حسب مجالاتها التربوية، إننا في الحقيقة عندما نقول انظر إلى فلان .. الخ، نصف بعض الحقيقة وليس الحقيقة كلها، وحالنا مثل حال الذي يصف الكوب الذي نصفه مملوء بقوله الكوب نصفه مملوء والآخر منا يقول الكوب نصفه فارغ فكلا الطرفين لم يصف الحقيقة الكاملة، ولوصف حقيقة حالنا مع أُسرنا أو أُسر غيرنا لا بد أن نبحث واقعهم وواقعنا معهم ونشخصه من جميع جوانبه ليتحقق الصدق مع النفس، وحينها يحق لنا أن نقول الله هو الهادي ونرفع أكف الضراعة له عند عجزنا .. لا أقصد دعاءنا له في تسديد مسيرتنا وتوفيقنا في جهدنا المبذول مع أبنائنا لأن هذا مطلوب في كل الأوقات وهو علامة الاستعانة به عز وجل. |
[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة] |