أيا عَذَباتِ البانِ من أيمن الحِمَى
رعى الله عيشاً في ربَاكِ قطعناهُ
سرقناه من شرخ الشباب وروقه
فلما سرقنا الصفو منه سرقناهُ
وعادت جيوشُ البين يقدُمُهَا القَضا
فبدد شملاً في الحجاز نظمناهُ
ونحنُ لجيران الْمُحَصَّبِ جيرةٌ
نُوفِّي لهم عهدَ الوداد ونرعاهُ
فَهاتِيكَ أيام ُ الحياةِ وغيُرها
مَمَاتٌ فيا ليتَ النَّوى مَا شهدناهُ
فَيَا لَيتَ عنَّا أغْمَضَ البَيْنُ طَرَفَه
ويا ليتَ وقتاً للفرِاق فقدناهُ
وترجعُ أيامُ المحصَّبِ من منى
ويبدو ثراهُ للعيون وحصباهُ
وتسرحُ فيه العِيسُ بَيْن ثمامه
وتستنشق الأرواحُ نَشْرَ خزاماهُ
نحن إلى تلك الربوع تشوقاً
ففيها لنا عهد وعقد عقدناهُ
وربٌّ بَرَانَا مَا نَسينا عهودَكم
ومَا كان من ربع سواكم سلوناهُ
ففي ربعهم لله بيتٌ مباركٌ
إليه قلوبُ الخَلْقِ تهوى وتهواهُ
يطوفُ بِهِ الجاني فَيُغْفَرُ ذَنُبه
ويسقُطُ عنه جرمُه وخطاياهُ
فكم لذةٍ كم فرحةٍ لطوافهِ
فلله ما أحلى الطوافَ وأهناهُ
نطوف كأنَّا في الجنانِ نطوفُها
ولا همَّ لا غمّ فذاك نفيناهُ
فيا شوقنا نحو الطواف وطيبه
فذلك شوقٌ لا يحاط بمعناهُ
فمن لم يذقْه لم يذقْ قطُّ لذةً
فَذُقْهُ تَذُقْ يا صاحِ ما قد أُذِقنَاهُ