Sunday 16th January,200511798العددالأحد 6 ,ذو الحجة 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "الرأي"

الحق واحد والباطل كثير متعددالحق واحد والباطل كثير متعدد
عمر بن فهد الشمري*

كثير من الطوائف يدعي أنه وحده على الحق، أو أنه وغيره على الحق أيضاً، فهل الحق واحد أم متعدد؟ فما الأدلة من الكتاب والسنة؟ وما أقوال أئمة الإسلام الأعلام؟ قال الله تعالى: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}.
فالواجب على الدعاة والمصلحين والمحتسبين أن يسلكوا هذا المسلك وهو منهج النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله وسلم وخلفائه الراشدين وأئمة السلف الصالح.
وقال الله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (108) سورة يوسف. قال الإمام ابن كثير - رحمه الله - في تفسير هذه الآية: (يقول تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم إلى الثقلين الجن والإنس، آمراً له أن يخبر الناس، أن هذه سبيله، أي طريقته ومسلكه وسنته، وهي الدعوة إلى شهادة أن لا إلا الله وحده لا شريك له، يدعو إلى الله بها على بصيرة من ذلك ويقين وبرهان هو وكل من اتبعه، يدعو إلى ما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، على بصيرة ويقين وبرهان عقلي وشرعي، وقوله(وسبحان الله) أي وأنزه الله وأجله، وأعظمه وأقدسه، عن أن يكون له شريك، أو نظير، أو عديلي، أو نديد، أو ولد، أو والد، أو صاحبة، أو وزير، أو مشير، تبارك وتقدس وتنزه وتعالى عن ذلك كله علواً كبيراً) انتهى كلامه.
وقال الله تعالى:{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (153) سورة الأنعام.
فقد فسر هذه الآية الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم، وبينها ووضح معناها بحيث لا تلتبس على أحد، روى الإمام أحمد في مسنده، بسنده عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: خط رسول الله صلى الله عليه وسلم خطاً بيده ثم قال: (هذا سبيل الله مستقيماً)، وخط عن يمينه وشماله ثم قال: (هذا السبل ليس منها إلا عليه شيطان يدعو إليه) ثم قرأ: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ}، رواه الحاكم وقال صحيح ولم يخرجاه.
وذكر افتراق الأمة فقال: (وستفترق هذا الأمة على ثلاث وسبعين ملة كلها في النار إلا واحدة، فقالوا ومن هي يا رسول الله؟ فقال ما أنا عليه وأصحابي).
قال الإمام ابن القيم - رحمه الله - في تفسير قوله تعالى: {بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ} (17) سورة البقرة دل على أن الحق واحد وأن الباطل متعدد، حيث وحد النور وهو الحق وعدد الظلمة وهي الباطل، والفرقة الناجية المنصورة واحدة حيث وحد الفرق الثلاث والسبعين المستحقة للعذاب، وأن سبيل الله واحدة، وهي التي أمر الله باتباعها، وحذر من اتباع السبل الأخرى، وأن النبي صلى الله عليه وسلم خط بيده خطاً واحداً، وخط خطوطاً عن يمينه وشماله، وهي الباطل المتعدد الذي على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه.
وقال الله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا} فصلت: من الآية 33).
قال الإمام الحسن البصري - رحمه الله - لما تلا هذه الآية: هذا حبيب الله، هذا ولي الله، هذا صفوة الله، هذا خيرة الله، هذا أحب الخلق إلى الله، أجاب الله في دعوته، ودعا الناس إلى ما أجاب الله في دعوته، وعمل صالحاً في إجابته، وقال إنني من المسلمين، انتهى كلامه.
فهذه الآية دلت على أمور منها:
1 - أن الدعوة هي من أفضل الأعمال والأقوال.
2 - قوله (دعا إلى الله) فيها الإخلاص لله عز وجل لم تكن الدعوة لشيء آخر ودعوته بالعلم والبرهان.
3 - الحث على العمل الصالح، الموافق لهدي أفضل مَنْ دعا إلى الله، وهو محمد صلى الله عليه وسلم.
4 - وقال إنني من المسلمين، فلم ينتسب إلى جماعة ولا إلى حزب من الأحزاب ولم يدع إليها ويدافع عن أباطيلها وإنما هو داعٍ يدعو إلى الله ويذب عن سنة رسوله صلى الله عليه وسلم وسنة الخلفاء الراشدين ومَنْ سلك مسلكهم عقيدةً وشريعةً وأخلاقاً.وأما الأحاديث والآثار في اتباع النبي صلى الله عليه وسلم فهي كثيرة منها:
عن العرباض بن سارية رضي الله عنه، قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح، فوعظنا موعظة بليغة، ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، فقال قائل يا رسول الله كأنها موعظة مودع فأوصنا: (أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة، وإن كان عبداً حبشياً، فإنه من يعيش منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيرا، فعليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة).
وعن سفيان - رحمه الله - قال: لا يقبل قول إلا بعمل، ولا يستقيم قول ولا عمل إلا بنية، ولا يستقيم قول ولا عمل ولا نية، إلا بموافقة السنة.
وقال الحسن البصري - رحمه الله -: ادّعى قوم محبة الله عز وجل، فابتلاهم بهذه الآية {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي} (31) سورة آل عمران.
وقال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: مَنْ كان مستناً فليستنَّ بِمَنْ قد مات، أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كانوا خير هذه الأمة، أبرها قلوباً، وأعمقها علماً، وأقلها تكلفاً، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم، ونقل دينه، فتشبهوا بأخلاقهم، وطرائقهم، فهم كانوا على الهدى المستقيم.
وقال ذو النون المصري - رحمه الله - من علامة حب الله، متابعة حبيب الله، صلى الله عليه وسلم في أخلاقه وأفعاله وهديه، وسنته.

* حائل فرع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved