Friday 14th January,200511796العددالجمعة 3 ,ذو الحجة 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "أفاق اسلامية"

حذروا ضيوف الرحمن من الخروج على آداب الحج.. عدد من القضاة لـ« الجزيرة »:حذروا ضيوف الرحمن من الخروج على آداب الحج.. عدد من القضاة لـ« الجزيرة »:
التزاحم والتدافع والشعارات والهتافات خروج على قدسية الحج

* الجزيرة - خاص:
أهاب عدد من قضاة المملكة بحجاج بيت الله الحرام أن يسخروا كافة أوقاتهم خلال موسم الحج لعبادة الله وحده، وأداء المناسك وفق ما شرعه الله في كتابه العظيم، وسنة رسوله الكريم - عليه أفضل الزكاة وأتم التسليم -، والبعد كل البعد عن كافة الأعمال التي تتعارض مع قدسية هذه العبادة العظيمة التي تتكرر سنوياً خلال شهر ذي الحجة.
وحثوا - في أحاديث لهم ل(الجزيرة) - ضيوف الرحمن على أن يتخلقوا بأخلاق الإسلام الفاضلة، وأن يحرص كل منهم على راحة وسلامة إخوانه الحجاج عند أداء المناسك.. وأن يجتنبوا أي عمل فيه إضرار بالحجاج مثل التزاحم، أو التدافع، أو رفع الشعارات، أو ترديد الهتافات التي تخرج الحج عن قدسيته وأحكامه وآدابه، مشددين على أن في الحج تظهر وحدة المسلمين، وتآلفهم مستجيبين لقوله تعالى: {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ.}.
*****
الحج ليس سياحة
ففي مستهل ذلك، يقول فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن عبدالرحمن المحيميد رئيس محاكم منطقة المدينة المنورة: إن الحج من أفضل العبادات، وأجل الطاعات لأنه ركن من أركان الإسلام الخمسة التي هي ركائز الدين، وقواعده التي عليها يستقيم، وهو جهاد في سبيل الله يحتاج إلى تضحية، ووقفة شجاعة، وقوية ضد الهوى، وما تحبه النفس مما يخالف أمر الله من الأقوال والأفعال، والسلوكيات غير المرضية مما حرمه الله، ونهى عنه فمن أراد الحج، وعزم عليه فلا يصنفه على أنه سياحة، أو نزهة، أو مجاراة لرفقة، فالحج أسمى من ذلك، وأعز. وليعلم أنه دخل في أمر عظيم له حدود، وضوابط لا يصح الزيادة عليها، ولا النقص منها، ويجب أن يؤدى كما أراه رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث دعا أمته إلى ذلك بقوله: (خذوا عني مناسككم).
وأضاف: فالحج عام يجب على من وجب عليه وعزم على أدائه أن يتعلم كيف يحج ولا يأخذ الحج إلا من عالم بالسنة الصحيحة، ويتقيد بذلك، ولا يكون مقلدا للجهلة الذين يعملون، ويقولون، ويتخلقون بما بظنونه من الحج، وهو مناف له. وأن من فضل الله تعالى على الإسلام، وأهله في هذا العصر أن هيأ للديار المقدسة حكومة رشيدة، واعية، وأمينة عرفت أن رضى الله تعالى في خدمة بيته العتيق، والسهر لراحة وفود الرحمن، ليس وقت الحج فقط، وإنما على مدار السنة. ومنذ مئة عام، وكل من على الأرض يشاهد الأعمال الجبارة من حكومة المملكة، وشعبها السعودي الأبي.
وواصل فضيلته القول: ومهما بلغ الإنفاق، وتكرر الجهد فذلك عندنا غير كثير لأنه لله، ولعباده المؤمنين، وكل موسم يتم فيه الحج على ما يرام فذلك عز للإسلام، وعز ونصر للمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها. والحجاج هم وفد الله، وهم ضيوف الرحمن واجب إكرامهم، والعناية بهم، وهم كرام وفدوا على كريم له عليهم حقوق، وواجبات تجاه إخوانهم الحجاج، وتجاه بلاد الحرمين الشريفين من المعاونة، والمساعدة، وكف الأذى قولا وفعلا.
ودعا الدكتور المحيميد الحجاج أن يتخلقوا بأخلاق الإسلام الفاضلة، وخاصة في هذه المشاعر المقدسة، والرياض المطهرة، عليهم بالرفق في كل ما يتصل بهم، أو يتعاملوا معه، ويصبروا على ما يلاقونه من الضيق في المكان، ولا يزيدوا الزحام في أماكن الضيق، والحرج، ويفسحوا لإخوانهم من الحجاج، ورجال الأمن ومقدمي الخدمات، ويدعوا الله تعالى لأنفسهم بالرحمن، والإعانة، ولحكومة المملكة وشعبها، ولكل من أسهم في خدمة الحجيج، أو سهل الأمر عليهم بالتوفيق والأجر والمثوبة، ويدعوا في أنفسهم على كل من يريد الأذية للحجاج، أو هذا البلد الأمين.
وقال: لا يصح لأحد من الحجاج، أو غيرهم أن يتعدى الأنظمة، والتعليمات التي وضعها ولي أمر المسلمين لترتيب الحجاج، وتنظيمهم، فالحج يحتاج إلى نظام دقيق، وواجب ولي الأمر وضع النظام والالتزام به، ومن لم يبالِ، ولم يتقيد فإنه آثم معتد، وما يترتب على ذلك من أضرار للحجاج، أو غيرهم فهو مسؤول عنها، فليحذر أولئك الذين لا يبالون، ولا يراعون حرمة المكان والزمان، والإنسان. ومن يعمل أعمالا منافية لأخلاق الحجاج، كالتدافع، والتزاحم، أو ترديد بعض الشعارات بصوت مرتفع، وجماعي فكل ذلك إثم، ومعصية لأنه يؤدي إلى الفوضى، ويتيح الفرصة لمن أراد أذية الحجاج، وأذية المسلمين وهو مدرج للجدال الذي نهينا عنه، وسبب من أسباب الفتنة التي لا يسعى لإثارتها في المسلمين إلا من ليس منهم، فالنظام في الحج لا يصح خرقه لما في ذلك من الأضرار الظاهرة، والباطنة.
وفي نهاية حديثه قال الشيخ المحيميد: إن على كل من وطئت قدماه أرض الحرمين الشريفين أن يذكر نفسه بمسؤوليته، وليحذر من مكر الله بمن ألحد في الحرم، أو قال أو فعل ما ينافي الأخلاق الكريمة، والصفات الحميدة، وتذكروا جميعا قوله - عليه الصلاة والسلام - من حج لله فلم يرفث، ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه.
الشعارات السياسية
ويتفق فضيلة الشيخ عبدالعزيز بن صالح الحميد رئيس محاكم منطقة تبوك مع الرأي السابق فيقول: إن الحج أحد أركان الإسلام الخمسة، وقد فرضه الله على كل مسلم بالغ عاقل يجد النفقة اللازمة لأدائه قال تعالى: {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ }، وبين النبي صلى الله عليه وسلم مكانة الحج فقال: عليه السلام - (الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة)، ومن يتأمل الدروس المستفادة من أداء هذا الركن العظيم يجد أن الحج تبرز فيه وحدة المسلمين، وإظهار جانبهم، وإزالة الفوارق اللغوية، والجنسية، والوطنية في وحدة متماسكة شعارها (لبيك اللهم لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك).. شعار تظهر فيه وحدانية الله سبحانه وتعالى، ومن هنا فإن كل أعمال الحج تحقق وحدانية الله، وإفراده بالعبودية، ولهذا لما خطب النبي صلى الله عليه في حجة الوداع، ونزلت عليه هذه الآية على صعيد عرفات: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا}، وفي ذلك اليوم أعلن النبي صلى الله عليه وسلم في خطبته.. الجامعة المبادئ الإسلامية الخالدة التي تظهر فيها مبادئ حقوق الإنسان من قبل أن يتشدق بها المتشدقون من الأدعياء، وبين النبي صلى الله عليه وسلم حرمة الدم المعصوم، وحقوق المرأة وغير ذلك من الحقوق التي هي اليوم مطلب الشعوب المتحضرة.
ويضيف الشيخ الحميد: وإذا علم ذلك فإن الحج ومن خلال تجمع ملايين المسلمين، وعبر المشاعر المقدسة فإنه من المفترض لقدسية المكان والزمان أن يتخلق الحاج بأخلاق الحج التي بينها الله سبحانه وتعالى: {فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ}، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من حج ولم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه) فهو هو المفترض على كل حاج، ولكن الملاحظ، وفي السنين المتأخرة أن هناك عدة مخالفات تتنافى مع أهداف الحج السامية، وتتعارض مع أوامر الله، وأوامر رسوله صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك عدم التقيد بأحكام الحج، والجهل المطبق لأداء المناسك، ومن ذلك عدم التقيد بأنظمة الحج، وافتراض المشاعر، والتزاحم سواء في المشاعر، أو رمي الجمرات، وكذا إهمال جانب النظافة العامة، وافتقاد بعض الحجيج إلى روح الأخوة، والأثرة، وحب الذات، وإنكار حق الآخرين.
السلوكيات الخاطئة
وأشار إلى أن من أهم المخالفات، وأعظمها في الحج إظهار الشعارات السياسية التي تتنافى مع وحدانية الله، فشعار الحج الهتاف لله، والدعاء له. أما الهتاف لحزب أو شخص، فهذا أمر لا يقره شرع، ولا دين، ومع الأسف أن هذه الأخطاء تتكرر كل عام.. من الحلول التي يمكن أن تعالج هذه السلوكيات الخاطئة، أو تخفف منها أمور ما يلي:
أولاً: لابد من توعية الحجاج في بلادهم، وذلك بإعطائهم دورات مكثفة، وفي وقت مبكر، وبيان أحكام الحج، وأهدافه السامية.
ثانياً: تكثيف التوعية وبلغات مختلفة من قبل أجهزة الدولة المعنية منذ قدوم الحجاج، ومراجعة ما نفذ في الأعوام الماضية، وتدارك السلبيات، ولعل من المناسب وضع شاشات ضخمة في المشاعر لإيضاح الأخطاء، وبلغات مختلفة، وأعتقد أن ذلك لا يكلف كثيرا، وأبلغ ألف مرة من منشور، أو كتيب أو شريط مسموع، خاصة وأن أغلب الحجاج يكونون من الأميين، ومثل هذا أسلوب الإعلامي يقدم التوعية المناسبة، ويختصر الجهد المبذول من الدعاء والمرشدين الذين قد لا يستفيد منهم سوى الناطقين باللغة العربية، والغالب أن الناطقين بهذه اللغة لديهم أكثر من غيرهم العلم بأمور الحج.
ثالثاً: التشديد على حملات الحج، ومحاسبة المقصر في عدم أداء ما التزم به، لأن كثيرا من حجاج الخارج يضطرون إلى الافتراش، وعدم التقيد بالتعليمات نتيجة لإهمال المؤسسات التي التزمت بهم. ويحذر الشيخ الحميد من أن تراكم الأضرار المترتبة إذا لم يتدارك وضع الحجاج وتلافي السلبيات التي تتكرر كل عام قد يؤدي إلى مزيد من المعاناة للحجاج، والبعد عن أهداف الحج العظيمة، وعدم استفادة الحجيج من فريضة هذا الركن العظيم من أركان الإسلام.
أخطر المخالفات
أما فضيلة الشيخ سليمان بن عبدالرحمن الربعي مساعد رئيس محاكم منطقة القصيم فيقول: أوجب الله - عز وجل - على المسلمين التعاون على البر والتقوى، ونهى - جل وعلا - عن التعاون على الإثم والعدوان فقال سبحانه {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}، وإن من نعم الله على المسلم، والمسلمة أن هيأ لهما الوصول إلى هذه البلاد المباركة، وهذه المشاعر الفاضلة، ويسر للجميع سبل أداء مناسك الحج، قام على ذلك رجال مخلصون قدموا أنفسهم لخدمة حجاج بيت الله الحرام، والسعي لما في صلاحهم، ومصلحتهم، والواجب على الحجاج تقدير هذه الجهود، واحترام هذه المشاعر، وقد نهى الله سبحانه وتعالى عن كل ما قد يفسد على الحجاج حجهم، أو ما يكدر صفاء مناسكهم، والبعد عن أسباب ذلك فقال - جل وعلا -: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ}، إلا وان من أخطر المخالفات في الحج اتخاذه وسيلة للترويج سياسية، أو حزبية، أو مذهبية مما يفسد على الحجاج أداء مناسكهم.
وقال فضيلته: إن هذه الأمور إضافة إلى حرمتها فإنها تفقد صاحبها معنى الإخلاص، والنية الصالحة في مقصده من حجه، وحيث إن أداء العبادة مناط بالخشوع والخضوع لله - عز وجل - وعدم إيذاء المسلمين بالقول، أو الفعل فإن النبي صلى الله عليه وسلم بين ذلك في حجة الوداع فقال: (أيها الناس السكينة السكينة)، وهذا هو الواجب على كل حاج بأن يلزم نهج النبي صلى الله عليه وسلم في حجه هو القائل: (خذوا عني مناسككم).

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved