Sunday 9th January,200511791العددالأحد 28 ,ذو القعدة 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "قضايا عربية في الصحافة العبرية"

..........مقال سياسي..........مقال سياسي
التطبيع تحت ضغط الضرورات الاقتصادية

اتفاقية التجارة الحرة لم توقع مصادفة في الشهر الماضي بين إسرائيل ومصر والولايات المتحدة الامريكية, هذا اتفاق كان بإمكان مصر أن توقع عليه منذ عام 1996، ولكنه وضع على الرف طوال ثماني سنوات.
ذريعة ذلك كانت سياسية كالعادة، وكان المصريون يقولون إنه ليس من الممكن التوقيع على اتفاقية تجارة مع إسرائيل وتنطوي على دفع لعملية التطبيع في ( الوقت الراهن).
(الوقت الراهن) هي عبارة يمكن أن تنسب لحدث محدد مثل عملية اغتيال في غزة، أو حدث متواصل كاستمرار الاحتلال, ومن الممكن أن تفضل مصر تأجيل اتفاقية التجارة في هذه المرة أيضا لولا الفأس الحاد التي سترفع فوق رأسها في مطلع عام 2005 المقبل حيث اتفاقية الجات, لولا ذلك لفضلت مصر تأجيل الاتفاق حتى احراز السلام بين إسرائيل والفلسطينيين.
المشكلة هي ان بنود الاتفاق الذي وقعته مصر مع منظمة التجارة العالمية (الجات) ستدخل حيز التنفيذ بعد شهر من الآن, هذه الاتفاقية تنص على السماح لأغلبية بضائع العالم بالدخول اليها من دون رسوم جمركية.
مصر كانت مضطرة لايجاد ملجأ ترسل بضائعها إليه في ظل الهجمة المتوقعة على سوقها الداخلية من الخارج، وذلك حتى توازن ميزان التجارة السلبي أصلاً بدرجة معينة.
اتفاقية التجارة الحرة قد توفر دواءً جزئياً للمشكلة، وكان من الضروري جداً ان توقع عليها الآن وعدم تأخيره بيوم واحد آخر.
جلال الزربا، رئيس اتحاد الصناعة المصري، خرج عن طوره حتي يفسر ضرورة هذا الاتفاق وحيويته . . هذا الاتفاق سينقذ أكثر من 700 مصنع ويوفر أكثر من 400 ألف فرصة عمل.
الزربا لم يتطرق لهذه الأرقام صدفة رغم أن الجميع يعتقدون أنها مبالغ فيها. مصر بحاجة اليوم إلى 300 ألف فرصة عمل جديدة في السنة، وحوالي نصف مليون فرصة أخرى للتغلب على فجوة السنوات الماضية.
التقدير الرسمي هو أن اتفاقية التجارة الحرة بعد نضجها بعد 3 - 4 سنوات، أي بعد إقامة المصانع وبسط شبكة التسويق في الولايات المتحدة ستوفر 100 ألف فرصة عمل فقط.
هذا أيضاً مكسب هائل في دولة تقوم كل سنة بتوفير عشرات آلاف الوظائف الوهمية في الجهاز الحكومي لمواجهة البطالة.
مصر ليست الدولة الوحيدة التي تحتاج الى الانتاج الكبير لأماكن العمل, إبراهيم قويدر مدير منظمة العمل العربية وهي منظمة عليا لدراسة اتجاهات التشغيل في الشرق الأوسط، يقول إن الدول العربية ستضطر إلى توفير 100 مليون مكان عمل جديد حتى عام 2020، حيث سيصل عدد المواطنين العرب إلى 490 مليون نسمة . . عدد سكان مصر وحدها سيصبح في حينه 110 ملايين نسمة، وهناك توقعات تشاؤمية ومقلقة جداً بالنسبة لهم حيث لا يمكن للمناطق التجارية الحرة التي ستقوم فيها مصانع دلتا الإسرائيلية ان تسعف شيئاً.
من المحتمل أن تكون اتفاقية التجارة الحرة مع مصر تلميحاً أولياً لهذا الاتجاه الذي تتغلب فيه المصالح الاقتصادية على الانفعالات العاطفية وحسابات الماضي . . اتجاه التطبيع المستقل هذا الذي يبدأ حتى في ظل الإملاء. إجراء حسابات الربح والخسارة بدلاً من حساب مستوى الكرامة والمكانة الاعتبارية . . إذا كان هذا هو الاتجاه حقاً، فهذه بشرى سارة لإسرائيل شريطة أن لا تخرج من خزانتها القديمة زي السيد الأعلى.

تسفي برئيل - (هآرتس)

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved