قرأت تعقيباً للأستاذ حمدين الشحات محمد بتاريخ الأربعاء 17-11-1425هـ وقد كان التعقيب على مقالة كتبتها سابقا بعنوان (السيرة العطرة خير ما يورث الإنسان في هذه الدنيا) في البداية أشكر الكاتب الكريم على إطرائه وثنائه وعلى متابعته أيضا لما يخطه يراعي عبر صحيفة الجزيرة وهذا شرف كبير أعتز به أن يتابع مقالاتي القراء جميعا ومنهم الأستاذ حمدين. أخي العزيز: أنا أؤيد النقاش عندما يكون بناء وهادفا ويثري القراء ولكن ما ورد في مقالك الذي هو بعنوان (للتصويب فقط يا طيف) كان مجانبا للصواب إلا ما رحم ربي وسأبين لك في هذه المقالة غاية مقصدي من الرد على مقالك السابق. فأولاً: قلت في بداية حديثك (لكل حصان كبوة) وهذا صحيح ولكن المثل الدارج على الألسن والذي يتداوله الناس فيما بينهم (لكل جواد كبوة) وهذا ليس موضوع النقاش وإنما للمعلومية فقط. ثانياً: لقد أخطأت أخي الكريم في كتابة كلمة (تقعين) في قولك (حتى لا تقعين في الخطأ) والتصحيح حتى لا تقعي لأن فعل المضارع منصوب بأن مضمرة وجوبا بعد حتى، وعلامة نصبه حذف النون وأنت لم تحذف النون وهذا خطأ أعظم من خطأ الأقواس التي ذكرت. وهنا لا يفوتني أن أشكر المصحح اللغوي الذي فاته تصحيح هذه الكلمة تصحيحا نحويا وأبرز الخطأ كما هو ولم يصححه.. ثالثاً: قلت إن تكرار واو العطف في قولي ليذكره القاصي والداني والقريب والبعيد يفيد أن الفاعلين أربعة وأقول يا أخي العزيز: القارئ الفطن يعلم أن الفاعلين ليسوا أربعة وإنما اثنان ومعلوم أن القاصي المقصود منه البعيد والداني المقصود منه القريب ولو أخذت برأيك ووضعت أقواسا هكذا (القريب والبعيد) و(القاصي والداني) فستكون كلمة القريب تفسيرا للقاصي والبعيد تفسيرا للداني وهذا خطأ، ولو أنني أردت أن أضع أقواسا لقلت (البعيد والقريب) و(القاصي والداني) حتى تكون البعيد بمعنى القاصي والقريب بمعنى الداني. وقد جاء في كتاب العرب لابن منظور في شرح كلمة (دنا) قوله في حديثه عن الإيمان (ادنه) وهو أمر بالدنو والقرب فعطف القرب على الدنو وهما بمعنى واحد ولم يفهم بأنهما اثنان وأيضا في لسان العرب في تفسيره لكلمة (دنو) في حديث النبي عليه الصلاة والسلام (إذا أكلتم فسموا ودنوا) معنى قوله (دنوا) كلوا مما يليكم وما دنا منكم وقرب فعطف قرب على دنا وليس في العطف ما يعيب مع أنهما بمعنى واحد. رابعاً: تقول: أعتقد، ولست بجازم أن حرف (ك) في هذا البيت:
إذا ما دعوت الصبر بعدك الأسى أجاب الأسى طوعاً ولم يجب الصبر |
قد جاء زائدا. وأقول: إن حرف (ك) ليس زائدا وإنما ورد في البيت كما هو لأن أساس البيت:
إذا ما دعوت الصبر بعدك والأسى أجاب الأسى طوعا ولم يجب الصبر |
ولكن أثناء الطباعة أسقطت (الواو) لذلك ظننت أن (الكاف) زائدة ولا أدري لماذا أسقطت الواو هل هو سهو أم خطأ في الطباعة؟! وللأسف ان الأخطاء المطبعية تجعل البيت مكسورا وتذهب رونق الموضوع وجماله وعلى سبيل المثال كتبت في الأسبوع المنصرم مقالة بعنوان (حتى لا يكون الموت مهرا للوظيفة على قارعة الطريق) وكانت نسبة قليلة من المعلمات لم يتأثرن بالسفر وسجلت النسبة 8% وتفاجأت في المقالة وعندما قرأتها كانت النسبة 80% انظر كيف تغيرت النسبة تغيرا جذريا وما من شك في أن القارئ الفطن يعرف أنها أخطاء مطبعية وأتمنى ألا يكون هناك خطأ مطبعي أيضا في هذه المقالة لتصلك كما هي وكما أردت.. وكذلك كلمة (الذكرى) فكلها أخطاء قد أخلت بالوزن. لذلك عند قراءة ما كتبته لم أعتب عليك كعتبي على مطابعنا الصحفية ومصححيها اللغويين مما يجعل كاتب المقال وقارئه في حيرة من أمره!! فما ذنبي عندما يسقط حرف أو يزاد حرف ومن ثم تختل المقالة برمتها؟؟ خامساً: عتبت علي عتبا شديدا عندما قلت في مقالتي: (السيرة العطرة هي خير ما يورث الإنسان في هذه الحياة) ومع أنني لا أدري لماذا كل هذا العتب؟ فإن كان قصدك لأنني لم أذكر الحديث الشريف (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو ولد صالح يدعو له أو علم ينتفع به) فالحديث الشريف لا يخفى على القارئ الكريم ولكنني أردت أن أضيف إلى الحديث السابق أن السيرة العطرة أيضا خير ما يورث الإنسان.. ألست معي في قول المصطفى عليه السلام (أنتم شهداء الله في أرضه) وذلك في حديثه عن الجنازة التي مرت به؟ أليست السيرة الحسنة والعطرة تبقى بعد موته؟ ألا تخلد أعمال الإنسان وأقواله الحسنة بعد وفاته؟ فيكثر الدعاء له وهو أحوج ما يكون لذلك.. لماذا تنقص من قدر هذه السيرة؟.. أنا أؤكد أن السيرة العطرة والذكرى الحسنة شيء عظيم يتركه الإنسان بعد رحيله بل قد تكون مفتاحا لرزق يصله في قبره وأقصد بالرزق هنا (الدعاء والترحم) كما أن السيرة العطرة تتضمن كل ما قاله أو فعله رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم. أنا لم يغب عن طيفي كما قلت هذه الأحاديث التي ذكرت وإنما أحببت الإضافة إلى ذلك تلك السيرة العطرة. وأخيراً.. لم أكتب هذا التعقيب من أجل (التقاضي) أو الرد بالمثل وإنما أردت إيضاح ما اشتبه عليك في مقالتي السابقة وجعلت منه قضية تترافع فيها. ولا تنس أخي أننا بشر قد نخطئ وقد نصيب والكمال لله سبحانه وتعالى لذلك أقول ما قاله الشاعر:
فإن أصبت فلا عجب ولا غرر وإن نقصتُ فإن الناس ما كملوا والكامل الله في ذات وفي صفة وناقص الذات لم يكمل له عمل |
ولعزيزتي الجزيرة ومحررها كل شكر وتقدير
طيف أحمد الوشم - ثرمداء |