|
انت في "الرأي" |
|
إنه لمن أصعب الأمور على الإنسان أن يفارقه إنسان عزيز على قلبه، لأن هذا الموقف يحتاج إلى صبر وتضحية، فمنذ أيام أجدادنا حتى في زماننا الحاضر لم يكتشف دواء لداء الفراق سوى الدعاء واللجوء إلى الله عز وجل كي يخفف من ألم المصيبة ومرارتها وأن يرزقنا الصبر عليها، فأنواع الفراق عديدة ولكن هناك فراقاً صعباً ومراً إنه الفراق الأبدي الذي لا لقاء بعده إلى يوم الدين... نعم.. إنه الموت الذي فاجعته أكبر وألمه أعظم، ومرارته لا تنسى مهما طالت الدهور، ولو تكلمنا عنه لجفت الأقلام وامتلأت الصحف، لقد فقدت عائلة العثمان ذاك العم الغالي الذي - والله بلا مبالغة - صاحب القلب الطيب والحنون الذي أحب الصغير والكبير ورحم المسكين الذي حرص دوماً على اللقاءات والاجتماعات والمناسبات لكي يرى فيها أبناء إخوانه وأقاربه، حرص على صلة الرحم والسؤال على الكبير والصغير.. نعم إنه العم عبدالله بن سعد العثمان، تغمده الله بواسع رحمته، وأسكنه فسيح جناته، لم نكن نعلم يا عمي أن عيد الفطر هو آخر عيد نراك فيه، لم نعلم أنه آخر عيد في حياتك، فعند سماعنا لخبر وفاتك ضاقت النفس وذرفت العين وحزن القلب على رحيلك، لكنه يومك الذي قدره وكتبه لك الحي الذي لا يموت، ذهبت وتركت زوجتك وأبناءك وبناتك يتألمون ويبكون على فراقك ورحيلك الذي لا عودة له.. ذهبت وتركت مزرعتك التي كانت الجزء الأكبر في حياتك التي طالما انعزلت فيها عن الشهوات والشبهات، فكنت من بيتك إلى المزرعة ومن المزرعة إلى البيت.. نشأت وترعرعت فيها.. وها قد أتاك مفرق الجماعات وهادم اللذات، أتاك ملك الموت ليقبض روحك في المكان الذي أحبه قلبك: {قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ} في لحظة نقلت من هذه الدنيا الفانية إلى أول منازل الآخرة، ذهبت ودفنوك بجانب إخوانك لتنضم معهم رهين قبرك وتنتظر يوم بعثك للقاء ربك، ذهبت وذهب من قبلك أبوك وأمك وإخوانك وأختك، وها أنت آخرهم تلحق بهم وسنلحق والله بكم {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} ذهبت يا عمي في نفس الشهر الذي ذهب فيه أبي رحمه الله.. ذهبت ووضعناك في قبرك ونحن نرى آخر نظرة لجسدك.. بالأمس القريب كان معنا أعمامي محمد وعبد الله وأبي وابن عمي أبو سلطان ولكن سرعان ما فقدناهم، إنه الموت الذي فرق بيننا وبينكم وسيفرق بيننا وبين من بعدنا، لكن البكاء ليس الدليل الوحيد على حبكم وإنما الدعاء لكم.. يا أبناء عمي ويا بنات عمي إن أعظم وفاء لآبائنا وامهاتنا الدعاء لهم والصدقة والحج عنهم، ولو قمنا بهذه الأشياء فقد قمنا بجزء بسيط من حقهم علينا ولكن نحتاج إلى عزيمة وأن يذكر بعضنا البعض لأن هناك أناساً يستطيعون فعلها ولكنهم مصابون بداء الغفلة.. اللهم اجبر كسر قلبي وقلب أبناء وبنات عمي على فراق عمي، اللهم واربط على قلوبهم وخفف مصيبتهم على فراقه، اللهم اجعله ممن بشر في مزرعته بروح وريحان ورب راضٍ غير غضبان، اللهم يا رحمن يا رحيم اجعل قبره وقبر اخوانه ووالديه والمسلمين روضة من رياض الجنان، اللهم ولا تحرمهم لذة النظر إلى وجهك الكريم ومرافقة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، الله اجعل ابناءه وبناته ممن دعوا له وتصدقوا عنه وبادر أحدهم بالحج له هذه السنة واقبله يا رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. |
[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة] |