Saturday 1st January,200511783العددالسبت 20 ,ذو القعدة 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "الرأي"

السياحة وهذه المحذوراتالسياحة وهذه المحذورات
م. مشاري بن خالد الدعجاني/ شقراء

إن من يسافر لمختلف دول العالم يتأكد مما لا يدع مجالا للشك أن هذه البلاد ما زالت بخير وستظل كذلك ان شاء الله انطلاقاً من تمسكها بعاداتها وتقاليدها وقيمها النابعة من تعاليم الشريعة الإسلامية التي هي دستور هذه البلاد منذ تأسيس الدولة السعودية الأولى وحتى الآن، لأن من يرى المخالفات والتجاوزات يصاب بالإحباط واليأس .. فالإسلام ليس كلمة تكتب في وثيقة رسمية تبين الديانة التي يعتنقها هذا الشخص أو ذاك .. الإسلام دين ودولة قيم ومبادئ ونظام حياة وأحكام تحدد علاقة المسلم بربه وبالآخرين .. وانطلاقاً من هذه المعطيات ينبغي على الجميع العمل على تحصين المجتمع ورفع درجة الوعي لديه واغلاق جميع الأبواب التي تدخل منها مثل هذه المخالفات. وأعتقد أن أهم هذه البوابات هي بوابة السفر للخارج .. بالطبع لا تستطيع الدولة منع الناس من السفر للخارج لأننا في بلد ولله الحمد يكفل الحرية الشخصية للجميع بشرط عدم تعارض هذه الحرية مع تعاليم الدين أو مصالح الآخرين أو أمن الدولة الذي يعتبر أمناً للجميع وما عدا ذلك يستطيع أي مواطن خلال ساعات الحصول على جواز سفر والتوجه لأي مكان في العالم دون أية عوائق وهو أمر يندر حدوثه في معظم دول العالم الثالث .. وهذا الكلام لا يعني أننا ضد السفر في حد ذاته ولكننا ضد ما يترتب على السفر من أمور لا تخفى على عامة الناس ويأتي في مقدمتها الأمراض المستعصية - المخدرات - الشعوذة والأفكار الهدامة.
ومن هذا المنطلق ينبغي على مختلف الجهات ذات العلاقة وخاصة الهيئة العليا للسياحة وبعض الجهات الأمنية والرقابية توفير كافة الإمكانيات وتهيئة الظروف والأجواء التي تشجع المواطنين لقضاء إجازاتهم داخل البلاد أو على الأقل النسبة العظمى منهم .. فالأرقام المتحفظة تبين أن هناك أكثر من ثلاثة ملايين مواطن يغادرون سنوياً للسياحة الخارجية.
وفيما يخص تهيئة الظروف والأجواء المناسبة لقضاء الإجازات داخل مصايف بلادنا لا بد من لفت النظر لنقطة هامة وحيوية بعيداً عن التأويلات والنظرة القاصرة للأمور، فبعض الجهات قد تدفع بدون قصد المواطنين للسفر للخارج وذلك من باب الاجتهاد والمحافظة على القيم والعادات والتقاليد، فهناك فصل بين فئة الشباب وبقية أفراد المجتمع حيث يتم منعهم من دخول معظم الأماكن العامة كالأسواق والمتنزهات وأماكن الترفيه وتهمتهم الوحيدة أنهم من فئة الشباب .. أليس هؤلاء الشباب أبناء وإخوانا لنا؟!
ولا أعتقد أن سوياً سوف يرتكب حماقة داخل مكان عام وإذا حدث شيء من ذلك فهي نسبة ضئيلة ويمكن معالجة كل حالة بما يتناسب معها .. ولم يقتصر الأمر على الشباب من البالغين بل ان بعض أماكن الترفيه المخصصة للنساء والأطفال وضعت مقياساً للطول فالطفل الذي يتجاوز طوله هذا المقياس ولو بعدة سنتيمترات يمنع من الدخول ولك ان تتصور أماً تدخل بعض أطفالها والبقية ممنوعون من الدخول .. هذه العائلة وغيرها سوف تقرر في السنوات اللاحقة السفر للخارج بحثاً عن جزء بسيط من الحرية لا تتجاوز دخول الأسرة مجتمعة إلى أماكن الترفيه وبالتالي عالجنا مشكلة بسيطة بمشكلة أكبر لأن هؤلاء المسافرين قد يعودون بمشاكل جديدة وكبيرة سنظل سنوات طويلة نبحث لإيجاد حلول لها .. وأتمنى مخلصاً لو تقوم هذه الجهات بانتداب بعض موظفيها من ذوي الخبرة والدراية والنظرة الواقعية للأمور لبعض الدول التي يكثر سفر المواطنين السعوديين إليها ليروا بأعينهم حجم المشاكل والمخاطر التي يتعرض لها هؤلاء المسافرون جماعات وأفراداً، والتي لا تقارن بأي حال من الأحوال بدخول طفل لا يتجاوز العاشرة من عمره إلى أحد أماكن الترفيه في بلادنا.
وسوف أورد مثالاً من أرض الواقع .. فقبل عدة أسابيع من الآن كنت في إحدى الدول الإسلامية في جنوب شرق آسيا وأمام أشهر فندق في عاصمة تلك الدولة يوجد كشك صغير من الصفيح يبيع بعض المشروبات الغازية والحاجيات البسيطة، وفي صباح أحد الأيام وقفت بجانب الكشك بانتظار سيارة أجرة فاقترب مني صاحبه وسلم عليّ وبدون مقدمات عرض عليّ شراء مخدرات فأوهمته بأنه لا يوجد معي نقود وسوف أعود فيما بعد للشراء وسألته كيف يبيع هذه المخدرات في شارع رئيس وأمام فندق معروف وكيف لا يخشى من البوليس؟ فكانت الإجابة غير متوقعة قال: إنه يدفع رسوما شهرية للبوليس مقابل حمايته فسألته عن معظم زبائنه فقال إن معظمهم من شباب الخليج العربي .. وخلال حديثي معه جاء مجموعة من الشباب الخليجيين وأخذوا المعلوم وانصرفوا .. هذا مثال بسيط وما خفي كان أعظم!!
صحيح منافذنا البرية والبحرية والجوية دقيقة ويحرسها رجال مخلصون من رجال الأمن والجمارك لمنع دخول هذه السموم القاتلة، والجزاء الرادع في انتظار من يحاول ادخالها أو المتاجرة بها ولكن هذه المنافذ لا تستطيع منع دخول مواطن سافر معافى سليماً وعاد مريضاً أو مدمناً للمخدرات أو غيرها وهنا تكمن الكارثة الكبرى.
* كلمة أخيرة أتمنى أن لا يفهم من هذه الأسطر أنني أقصد التعميم وأن جميع من يسافرون للخارج هدفهم الوحيد البحث عن مثل هذه الأمور بل العكس هو الصحيح فالنسبة العظمى يسافرون من أجل الراحة والاستجمام وأحياناً للعلاج أو إنجاز بعض الأعمال.
وأنا شاهدت بعيني في تلك الدولة الاسلامية عوائل من مختلف مناطق المملكة محافظة على عاداتها وتقاليدها الاسلامية وملتزمة بالحجاب الشرعي وكأن هذه العوائل في إحدى المدن السعودية والمواطنون السعوديون في الخارج بينهم تعاون وتعاضد وألفة وهذا ليس غريباً على أبناء هذا الوطن ولكننا نحذر من القلة التي ترتكب بعض المخالفات وكما يقال البيضة الفاسدة تفسد كامل الطبق .. وفق الله الجميع لما فيه الخير والسداد.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved