تقديم الكتب بين الجديّة والهزلية
منصور إبراهيم الدخيل/ مكتب التربية العربي لدول الخليج

في السنوات الأخيرة تطورت حركة النشر والتأليف في الوطن العربي سواء ما يصدر عن دور النشر المختلفة أو ما يصدره المؤلفون بطريقتهم الخاصة وقد اتبع الناشرون بعض الأساليب التي تعرِّف بالمؤلف ومواضيع الكتاب التي تطرق إليها، وفي بعض الأحيان نجد عبارات بعض الثناء والمديح لهذا المؤلف وهو لا يستحق ذلك، المهم الترويج له بقصد بيع أكبر كمية منه، كذلك ما يتبعه بعض المؤلفين في تقديم كتبهم للقراء عندما يبحثون عن شخصية لها مكانتها في الوسط العلمي والأدبي فنجد بعض هؤلاء يكتبون هذا التقديم بكل أمانة ويبرزون نقاط القوة والضعف فيه ويبدون بعض ملاحظاتهم عليه لتداركها في الطبعات القادمة، والبعض الآخر من هؤلاء يقدم الكتاب على سبيل المجاملة من خلال استعراض مقدمة الكتاب والمواضيع التي اشتمل عليها ويقوم بالثناء عليه ولم يكلف نفسه قراءة الكتاب بكل جدية وهذا الأسلوب يناقض مكونات شخصيته ومكانته العلمية التي يفترض أن تتجرد من العواطف والمجاملات وكان من المفترض أن يضع نفسه في خيارين لا ثالث لهما: الخيار الأول أن يقرأ الكتاب ويقدمه بأسلوب يغلب عليه الطابع النقدي وخصوصا إذا كانت مادته العلمية جيدة، والخيار الثاني إذا كان الكتاب لا يرتقى إلى المستوى المطلوب أو ظروفه لا تسمح بقراءته يعتذر عن ذلك، بهذه الطريقة حافظ هذا الأديب والمفكر على مكانته والمساحة التي يحتلها في الساحة العلمية والفكرية، وفي نفس الوقت تجعل الكثير من المؤلفين يحسبون ألف حساب عندما يستعينون بأشخاص في تقديم مؤلفاتهم من خلال الحرص على المادة العلمية الجيدة التي يجب أن تتضمنها كتبهم .. وقبل أن أختتم هذه المقالة أحب أن أشير إلى نقطة مهمة وهي أن بعض الكتّاب عندما يبحثون عن شخصية مثقفة لكتابه تقديم لكتبهم ليس القصد منها الدعاية لها وإنما هي ثقة بالنفس ورغبتهم الملحة في سماع آراء وأفكار أشخاص آخرين وإن كان يختلف معهم في بعض التوجهات، وهذا ما نلاحظه عند بعض المؤلفين الذين يكتبون في الدراسات الإنسانية .. وقد شدني التقديم الذي كتبه الأستاذ محمد حسنين هيكل لمعالي الشيخ عبدالعزيز بن عبدالمحسن التويجري عن كتابه (لسراة الليل هتف الصباح) ونحن نعرف الاختلاف الفكري بين المدرستين.