دخلت الصغيرة الكهف، أحست بالانقباض فالضوء باهت وكلما تقدمت ازداد الضوء خفوتاً وهي تتقدم ويزداد الخوف داخلها وتزداد مخاوفها، أخذت تسير وهي تتطلع حولها في رعب وتنظر إلى الوراء فترى مدخل الكهف أصبح بعيداً، بعيداً، لا تستطيع العودة، أخذ شعورها بالوحدة يزداد مع تزايد شعورها بالوحشة والخوف وظلت تسير وتواصل السير ويبدأ الظلام يخيم قليلاً على الدرب الطويل حتى أظلم تماماً وسارت وسط الظلام تبكي وتنهمر دموعها انهماراً والخوف يكبل قدميها والكهف به بعض الصخور المتناثرة على جوانبه وبدأت تتعثر في السير وتحاول ألا تسقط حتى اصطدمت بصخرة كبيرة فسقطت وتمزق الثوب الأبيض، سقط إكليل الزهور من فوق جبينها ولكن ما لبثت أن سمعت صوتاً يقترب، إنه صوت إنسان يغني ويترنم بنغم حزين، صرخت في لهفة من أنت؟.. قال لها أعطني يدك لأساعدك على النهوض، ساعدها على الوقوف مرة أخرى، قالت له: الآن أحسست بالارتياح لأن هناك من يسير معي في هذا الكهف المظلم، وعندما سألته عن سبب ذلك الحزن والشجن في صوته قال لها: لقد حرمت من الدفء والمشاعر التي ينمو عليها الطفل الصغير وكان الشيء الوحيد الذي يلازمني هو الوحدة والوحشة، وفي منتصف الطريق قال لها: بعد مسافة من هنا يجب أن نفترق ويسير كل منا في طريقه فذهلت من الصدمة ثم قالت له: لقد اعتدت عليك وعلى السير معك فما أصعب أن تجد شمعة تضيء لك الظلام فلا تستطيع الوقوف بجانبها أو السير في نورها، فقال لها: يجب أن تعلمي أنني سوف أكون بجانبك مهما ابتعدت بيننا المسافة.. وأخيراً تترك يده مستسلمة في حزن وذهب هو في طريقه وسارت هي في طريقها، تابعت السير ولا تدري متى سيظهر النور من جديد وتخرج من هذا الكهف الطويل إلى نور الحياة ولكن ما تعلمه أنه هناك شيء يشدها نحو الأمام شيء يشبه شعاع الضوء الذي اخترق حائط الظلام داخلها فأضاء لها الطريق.
|