Friday 31th December,200411782العددالجمعة 19 ,ذو القعدة 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "مقـالات"

نوازع نوازع
الهجاء والتذمر
د.محمد بن عبدالرحمن البشر

يهجو الشاعر ما لا يروق له ويتذمر مما لا يستسيغه، وينتقد أقرانه منهم من هو فوقه ومنهم من هو دونه، كما قد ينقد مجتمعه وأقاربه وذاته، لكن كل ذلك يمثل حالة نفسية يعيشها الشاعر في لحظة معيّنة أو فترة محددة.
ومن أولئك الشعراء أبو الأسود الدؤلي واسمه ظالم بن عمرو، وهو من شخصيات صدر الإسلام، كان موالياً لعلي بن أبي طالب لكن ذلك لم يمنعه من تقديم خدماته للأمويين، وقد تُوفي عن 85 عاماً عام 69 هجرية، وقد أمره علي بن أبي طالب بتأسيس النحو ووضع قواعد له مبتدئاً ذلك بأن القول، فعل واسم وحرف وقد قال أبياتاً في مجتمعه الذي رآه فاسداً والذي يختلف عن السابقين فقال:


ذهب الرجال المقتدى بفعالهم
والمنكِرون لكل أمر منكر
وبقيت في خلف يزكّي بعضهم
بعضاً، ليدفع معور عن معور
فطن لكل مصيبة في ماله
وإذا أُصيب بعرضه لم يشعر

أما الشاعر الآخر فقد ساءه البخيل وفعله وأراد نقده فقال بيتين من الشعر في قِدْرِ البخيل:


لو أن قِدراً بكت من طول ما حُبست
على الجفون بكت قِدر ابن عمار
ما مسّها دسم مذ فض معدنها
ولا رأت بعد نار القين من نار

أما كثير عزة الذي عاش في صدر الإسلام فقد كان محباً لمحمد بن الحنفية ومعاصراً لجرير والفرزدق، وهو شاعر عربي معروف، وقد ساءه النفاق الاجتماعي الذي كان سائداً في مجتمعه آنذاك فقال:


أنت في معشر إذا غبت عنهم
بذلوا كل ما يخزيك شينا
وإذا ما رأوك قالوا جميعاً
أنت من أكرم الرجال علينا

أما الشاعر الآخر فقد تحدث عن شهوة الممدوح للمديح مع قلة في الصلة فقال:


يحب المديح أبو خالد
ويجزع من صلة المادح
كبكر تحب لذيذ النكاح
وتهرب من سورة الناكح

أما الشاعر محمود الوراق فقد رأى الدروب قد سدت أمامه فقال:


ما إن بكيت زماناً
إلا بكيت عليه
ولا ذممت صديقاً
إلا رجعت إليه

أما كلثوم العنابي، فقد رأى أن الثراء قد كشف كثيراً من الخلال التي كان يتحلّى بها بعض الناس فأصبح في خلقه مغايراً لما كان عليه، فقال مع ذلك:


لئن كانت الدنيا أنالتك ثروة
فأصبحت فيها بعد عسر أخا يسر
لقد كشف الإثراء منك خلائقا
من اللؤم كانت تحت ثوب من الفقر

أما ذلك الذي أسهب في مدح الممدوح فلم يجد ما يريده منه فقال:


لئن أخطأتُ في مدحك
ما أخطأتَ في منعي
لقد أنزلت حاجاتي
بواد غير ذي زرع

وهذا يذكّرني بقول ابن زيدون:


قل للوزير وقد قطعت بمدحه
زمني فكان العزل منه جوابي
لم تخطي في حق الصواب موفقا
هذا جزاء الشاعر الكذّاب


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved