إن المتتبع لرحلات الخير التي يقوم بها صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز يدرك مدى ما يعانيه سموه من مشقة وما يتجشمه من صعوبة في سبيل الوقوف على أحوال الرعية وتفقد شؤونها ومعرفة احتياجاتها، وليتحسس بنفسه نقط الضغط لديها فيقويها، حتى تشمل النهضة سائر البلاد، ويعم الخير كافة نواحي الوطن العزيز، وتصبح كل قرية ومدينة عضواً نشيطاً يقوم بواجبه في بناء هذا الجسم الكبير.. المملكة العربية السعودية، فلا غرابة أن يستعذب سموه المشقة، ويستسهل الصعب، مؤثراً مصالح هذه البلدان على راحته واستقراره. إنها لتضحية فذة، وإيثار ما بعده إيثار يتجلى لكل ذي بصيرة، وخير من أدرك ذلك سكان البلاد التي يممها الصيب، وشملتها الزيارات المباركة، حيث قابلوا الإيثار بالشكر والثناء، والتضحية بخالص الدعاء بأن يحفظ الله لنا حكومتنا الرشيدة ممثلة في رجالها الأماجد وبناتها المصلحين وعلى رأسهم قائد المسيرة وسيد الجزيرة فيصل بن عبدالعزيز رعاه الله وأبقاه، دعاء من كل قلب ومشاعر لا تصفها الكلمة ولا تصورها المقالة، ولست أتحدث إلا عما أحسست وشاهدت، ولا أشهد إلا بما علمت ففي 22-3- 92هـ زار الأمير سلمان بن عبدالعزيز جلاجل، وكان ذلك اليوم من أيامها المشهودة، وأعيادها المعدودة، فقد كان الجميع متهيئين للقاء، مشتاقين للقدوم الميمون، البشر يعلو الوجوه، والبسمات تترسم على الشفاه، والقلوب كأنما تريد أن تسبق الزمان، وتتخطى المكان لتعجل ساعة اللقاء، وكأن عقارب الساعة تمشي وئيدة الخطى إلى أن أديت صلاة الجمعة بلحظات حيث رفت البشائر بوصول الموكب الكريم، فكبر الناس وهللوا وهتفوا بحياة المملكة في ظل الدوحة السعودية المباركة بقيادة زعيمنا الملهم فيصلنا الغالي أمد الله في عمره، وبعد استقرار سمو الأمير سلمان وصحبه الكرام في الأماكن المعدة لهم استؤذن سموه ببدء الحفل الخطابي الذي افتتح بالقرآن الكريم.
ثم توالت الخطب والقصائد المعبرة عن الحب والولاء والشكر الذي تكنه قلوب المواطنين للأسرة السعودية الكريمة ورجال الدولة العاملين، ثم قام طلبة المدارس باستعراضات رياضية بديعة سر لها الحاضرون، وأعجبوا بمهارات الطلاب الفائقة الدالة على أن شباب المملكة لديهم من المرونة والقابلية للتدريب والتعليم ما يكفل لهم السير بأمتهم إلى مصاف الأمم الراقية بفضل الله ثم بفضل ما تبذله الدولة في قطاع التربية والتعليم وغيره من قطاعات الحياة الأخرى، وبعد تناول سموه ومرافقيه القهوة والمرطبات زار مكتب الإمارة، وتفقد بعض المرافق، ثم غادر سموه ومرافقوه البلد مودعين بالدعوات المخلصة لهم بالسلامة، والتمنيات الصادقة بأن يحفظهم الله ويرعاهم حالين مرتحلين، وأن يبقى الله سموه وأخوته البررة ذخراً لهذه الأمة يحمونها من عبث العابثين، ويردون عنها كيد الحاسدين، تلك زيارة من زيارات الخير والبركة عشتها بمشاعري فآثرت أن أنقلها لك - عزيزي القارئ - وإني لو أثق أن هذه السطور لن تفي بتصويرها وحسبي أنني حاولت ذلك.
ناصر بن إبراهيم الفريح |