(خالد) لا يدري بالضبط ما الذي دفعه لانتزاع آخر ورقة في روزنامة فقيرة على حائط منسي أثناء منتصف أول يوم من عام جديد .. وبينما استقرت في يده كوم قبضته عليها وهو ينظر إليها شزراً نظرة أملتها عليه نفسه المشتتة وعقله الذي كان يجري بعيداً .. بعيداً جداً.
كان خالد الصغير يجري بلا كلل خلف أبيه .. يبحث عنده عن جواب لأسئلة تدور في كيانه الصغير بلا إجابة .. بيْد أنه دائماً يصدم بالجواب المثير: عندما تكبر يا بني!
قال خالد الصغير: أين تكون الشمس ليلاً يا أبي؟!
قال الأب : عندما تكبر ستعرف.
فقال خالد: وأين القمر نهاراً؟!
الأب : عندما تكبر.
خالد : لماذا تنتزع ورقة كل يوم من ذلك الدفتر المعلق هناك؟!
الأب : عندما تكبر ستعرف.
خالد : ولماذا لا تنتزعها كلها اليوم ونرتاح؟!
الأب - وقد نفد صبره - عندما تكبر يا بني.
خالد : ومتى سأكبر يا أبي؟!
ولكن سؤاله الأخير لم يتجاوز شفتيه قط ..
لقد ظل يدور في أعماقه بلا جواب ..
متى سأكبر يا أبي؟!
متى ؟!
فتح خالد عينيه على تلك الورقة المكو مة في يده .. واسترجع سؤاله عندما كان صغيراً.. هل كان يريد حقاً أن يكبر؟!
لقد نزع آخر ورقة في هذه الروزنامة وكأنه ينتزع أيام عمره، وقبل عام أيضاً كرر الشيء نفسه .. وقبلها بعام أيضاً.. فما الذي تغير في داخله؟!
ما الذي تغير في داخله؟!
وتردد صدى سؤاله في أعماقه بلا إجابة .. وكان عليه أن يجيب..
فقد كبر...!!
منصور بن محمد العتيق |