Thursday 30th December,200411781العددالخميس 18 ,ذو القعدة 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الرأي"

(وإنا على فراقك أبا عبد الرحمن لمحزونون) (وإنا على فراقك أبا عبد الرحمن لمحزونون)
د. عبد الرحمن بن سليمان الدايل

لم يكن الهدف من رثاء الرجال في يوم من الأيام للبكاء على لوعة الفراق فقط ، أو للتعبير عن أحزان الرحيل ، بل إن لبعض الرجال من مكارم الأخلاق في الدنيا ، ما يستوجب الوقوف عنده إثر رحيلهم من هذه الحياة الفانية إلى تلك الحياة الباقية ؛ ليكون في ذلك عبرة وعظة لمن يحرص على أن يعمل في حياته من أجل ما هو أبقى وأخلد.
ولم يكن رثائي لأبي عبد الرحمن - المرحوم بإذن الله تعالى - الشيخ سعد بن عبد الرحمن بن دايل عمدة مرات السابق نابعا فقط من كونه والدا لرفيقة دربي ، أو لأنه جد لأبنائي ، بل إن هذا الرثاء المتواضع يضيع ويتضاءل أمام حزن من عرفوا الفقيد - رحمه الله - من القريب والبعيد والصغير والكبير ، والضعيف والثكلى.
فكم بكته عيون طالما استمتعت به مقبلا على كتاب الله تاليا له ومتدبراً ، وكم بكته قلوب حرص على سعادتها ، وكم بكاه من الضعفاء الذين كان بهم رفيقا ولهم صديقا ؛ حتى جعلوه بمثابة الوالد لهم ، فكان مصابهم في فقده كبيرا لا تقدر الكلمات على وصفه أو التعبير عنه.
كيف لا وقد جعل الفقيد من الدنيا مزرعة للآخرة ، فعرفه الناس بالزهد ، ووصفوه بالتقوى ، فكان مرجعا لهم في المشورة الصادقة ونموذجاً بينهم في العمل الصالح ، فأدى واجبه نحو وطنه وامتدت معه وبه سيرة الأجداد الذين أخلصوا لهذا الوطن قولا وعملاً .. كما عرفوه نموذجا في معاملة الجار والعطف على اليتامى ومساعدة المحتاجين ، يتلمس مصالحهم ويبادر ويحرص على السؤال عنهم ؛ كما عرفوه مثالا يحتذى في التربية ، فكان - رحمه الله - رقيقا رفيقا بأولاده وأحفاده ، يرحم الطفل الصغير ، ويوقر الشاب والكبير ، يسدى النصح بكل ترفق ويحيطه بمناخ من الشفقة والعطف ، أحبه أبناؤه وأحفاده ، وأقاربه وجيرانه وكل من تعامل معه ، فبكاه الجميع الذين بادلوه حبا بحب ، ظهر على ملامح وعيون هذا الجمع الغفير الذين حرصوا على تشييعه إلى مثواه الأخير ، وعبرت عنه ألسنتهم التي تضرعت إلى الله بالدعاء له أن يتقبله في عليين مع الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا .. ولما كان الموت هو القدر المحتوم والمصير المعلوم ، فستظل ذكراه في قلوبنا إلى أن نلقى الله ، ولا نقول سوى : إن العين لتدمع ، وإن القلب ليفجع ، وإنا على فراقك يا أبا عبد الرحمن لمحزونون ، وندعو الله أن يجمعنا به في مستقر رحمته ، و{ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ }.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved