اخترت هذا العنوان لأنه ينم عن الحقيقة وهي أن عاصفة الإرهاب الخبيثة مرت بسلام والحمد لله ولم ينالوا مما كانوا يطمعون فيه شيئاً، لقد كانت فترة قاسية فعلاً علينا جميعاً ولكن وبحمد الله أوشكت على النهاية، لقد تساقط رموزها جماعات وأفراداً، وأمسك من هذه الفئة الباغية الفاسدة العشرات، وقتل عدد منهم، وسلم نفسه عدد آخر للسلطات الأمنية. وبفضل الله تعالى ثم بفضل القيادة الرشيدة ورجال أمننا البواسل فلقد كانت النتائج الأمنية لهذه المواجهات مع الفئة الباغية أكثر من رائعة.
في البداية كانت فعلاً المفاجأة حينما اكتشفنا انحراف أبنائنا اكتشفنا هذا بالطريق الصعب عندما فجروا بعض المباني مثل مبنى المرور ومجمع المحيا وعندها بدأ المجتمع ممثلاً في قيادته ومواطنيه ورجال أمنه حملة لتطهير هذا البلد الآمن من هذه الحيات الخبيثة، ثم انتقلنا لمرحلة جديدة من مراحل مقاومة هذا الخبث من مرحلة التفجيرات لمرحلة أقوى وأثبت وهي مرحلة الضربات الاستباقية المباغتة لفلول هذه الفئة الضالة. وهذه الضربات الوقائية المباغتة نقلتنا نقلة نوعية في مواجهة هذا الفكر والسلوك الإرهابي الفاسد، فبفضل الله ثم بفضل قادتنا وجنودنا البواسل بدأنا نسمع كل يوم بسقوط رموز هذا الفكر الخبيث مجموعات وأفراداً وهذا يدل دلالة واضحة على جودة وقوة ودقة المعلومات الأمنية الاستخباراتية، فهذه المعلومات هي العامل الأساس للعامل الأمني وأصبحنا نرى أقطاب هذا الفكر المنحرف يتساقطون واحداً تلو الآخر. مع هذا كله يجب أن تعلمنا هذه الأحداث أمراً مهماً للغاية وهو أن هذه الجهود المضنية ورجال الأمن الذين استشهد منهم من استشهد وجرح من جرح كل هذا إنما حدث لهم في سبيل الحفاظ على أمننا واستقرارنا، ويجب علينا أن نرد الجميل بجميل مثله والحسنة بحسنة مثلها وهي أن نقف مع رجال الأمن في مواجهة هذه الفئة الباغية لأن رجال الأمن ليسوا هم المستهدفين ولكن المستهدف هو الأمن وهو الوطن، وهنا أرسل عدة رسائل:
* الرسالة الأولى للأسرة:
يجب علينا جميعاً تربية أولادنا تربية إسلامية وسطية واضحة صحيحة بعيدة عن الفكر المتطرف، والاهتمام بالنشء خاصة في فترة المراهقة ومراقبة أصدقائهم وأين يسهرون وأين يسافرون ومع من؛ لأن المراهقة هي أخطر مراحل الحياة، وعند ملاحظة بداية انحراف فيجب علينا التعاون مع الجهات الأمنية لنصيحة هذا الحدث وتقويمه قبل أن ينحرف فيصعب علاجه وإرجاعه للحق، كذلك يجب على الأسرة الاهتمام بوسائل الإعلام وماذا يشاهد الحدث والاهتمام بماذا يتابع الحدث عبر الإنترنت إن وجدت في المنزل.
* الرسالة الثانية للمدرسة:
يجب على الاساتذة الاهتمام بالطلاب ومعرفة بدايات الانحراف إن حدث والابلاغ عنه ومعالجته قبل ان يستفحل هذا الشر، كذلك يجب ان يأخذ المرشد الطلابي دوره الحقيقي في مراقبة كل سلوك شاذ في بدايته ثم محاولة القضاء عليه في مهده من الطلاب وأحياناً للأسف من القليل من الاساتذة.
* الرسالة الثالثة للجيران والمسجد:
هنالك مسؤولية كبيرة تقع على كواهلهم... هؤلاء الإرهابيون في جميع أماكن تجمعاتهم كانوا داخل العمران وبين السكان، ولكن السؤال المهم: أين السكان منهم؟ ولماذا لم يبلغ عنهم الجيران؟ هنا دور كبير للجيران ولأهل المسجد في ملاحظة الغرباء في أحيائهم حتى وإن كانوا غير غرباء ومن أهل الحي ولكن يأتيهم زوار غرباء مشتبه فيهم فيجب التحقق منهم قبل فوات الأوان، فالقضاء على الانحراف من البداية أسهل كثيراً من الانتظار طويلاً.
* الرسالة الرابعة لرجال الأمن البواسل:
وهي رسالة شكر وتقدير لجهودكم المباركة، فلقد والله رفعتم رؤوسنا وذكرتمونا بتاريخنا الاسلامي وأبطاله البواسل الذين شهد لهم التاريخ وكذلك هو اليوم شاهد لكم ببطولات تسطرون حروفها كل يوم..
* والرسالة الخامسة لولاة أمرنا في هذا الوطن المبارك:
ففي وطننا المبارك نجد ولاة أمرنا يضربون لنا أروع الأمثلة مع المواطنين الذين لا ذنب لهم حتى وإن كان ابنهم منحرفاً أو مجرماً، فالدولة تقدم مساعدات ورواتب لأهل هؤلاء الإرهابيين وهذا ما حدث لهذه الأسر قبل شهر وهذه قمة الأخلاق والمثالية، فهذه الأسر قد تكون تحتاج للمساعدة، وإعطاء مساعدة لهذه الأسر علامة من علامات هذه الدولة الراشدة وهذه قمة الأخلاق، فلولاة أمرنا منا كل المحبة والشكر والتقدير والولاء والطاعة.
* الرسالة الأخيرة للوطن:
وطني وطن المحبة وطن الخير والعطاء، وطن أعطانا الكثير بدون ما ينتظر منا رد الجميل، فما الفرق بين المواطن السعودي ومواطني دول قريبة وبعيدة حيث يعاني مواطنو تلك الدول الأمرّين مع وجود الثروات الطائلة في تلك الدول، حيث إن المواطن السعودي ينعم بالأمن والرخاء وتسهيل أمور حياته اليومية، وأقدم لك يا وطني الاعتذار عما حدث من بعض مَن شذ من أبنائك ولكنها يا وطني مثل التطعيم تؤلم قليلاً ولكنها تعطي الجسم مناعة مدى الحياة - إن شاء الله - وأختم بقصة سمعتها يوم أمس من أحد مشايخ القبائل هنا في المملكة ويقول هذا الشيخ: إن بجوارنا قبيلة أخرى يفصل بيننا وادٍ، وفي سنة واحدة قبل قيام الملك المؤسس بتوحيد الكيان الكبير يقول في سنة واحدة دفعت قبيلتنا ثماني عشرة دية لقتلى القبيلة الأخرى لمحاولة انهاء حمام الدم بيننا وبينهم، وفي هذه السنة أحصينا ثماني وثلاثين من بناتنا زوجات لأبناء تلك القبيلة وستة وعشرين ابناً منا متزوجين من تلك القبيلة؛ أي أن الكثير من أبنائنا اليوم القبيلة الأخرى هم أخوالهم ونحن أيضاً أخوال عدد من أبناء تلك القبيلة.
وهذه من أكبر نعم الله سبحانه وتعالى أن هيئ لنا الأمن على يدي الملك المؤسس - رحمه الله - وسار على نهجه أبناؤه البررة.
والحمد لله أولاً وآخراً..
|