ينشغل كثير من الناس في جماعات ذات اهتمامات مشتركة بعد دوام العمل اليومي.. هذه التجمعات نطلق عليها اليوم قبلية العصر التي هي امتداد وتوسع لتشابه الاهتمامات الفكرية والعملية بينهم إلى حد كبير.. ولا غرابة فإن الذي يجمع الناس اليوم، ليس هو الجيرة أو الانتماء القبلي أو كما يحسب منا الغالبية، ولكن يجمعهم الطموح المشترك، وبحال اقتصر على فئات وأفراد لهم تقريباً نفس المستوى المالي والمهني الذي يميزهم عمن سواهم.. فهناك منتديات للأدباء والفنيين والمدخنين وأخرى للمساهمين وبالأسهم والرياضيين وهكذا.. نتساءل ما الذي تستطيع الشركات والمؤسسات التجارية تقديمه لهؤلاء الناس؟.. وما هي الخدمات والمنتجات التي سيطلبونها لتوفيرها، وماهي الثغرات التسويقية التي لم يسدها أحد بعد من عرض المنتجات؟ رغم إنهم فئات في سباق مع الزمن ويجرون في عدة اتجاهات لمشاكلهم وهموهم حضورياً أو غيابياً عبر الاتصالات إلا إن معظم قضاياهم تتمحور حول إيجاد مستثمرين ومبتكرين يقدمون لهم حلولا عصرية تساعدهم على تحديد عشرات الأولويات والمهام التي تتوافد على قائمة أعمالهم.. وما دام متطلبات العمل لا تنتهي، فعلي الشركات التجارية المشاركة الفاعلة في تقديم خدمات وسلع استهلاكية تجعل هذه الفئة من الناس يشعرون بالسعادة والحماس عند عودتهم في اليوم التالي إلى العمل.. ويبدو إن الخدمات والسلع التي تتطلع لها هذه الفئة فرضت على بعض منهم إلى الخروج عن المألوف وعلى كل ما هو غريب الأطوار.. فهناك من يصرف المال على الملذات العابرة لأنه يتصور أن ذلك من حقه، وإنه يستحق الاستمتاع بالحياة.. ومنهم من يشتري الأقلام والساعات اللامعة الغالية لمجرد الشراء أو الإحساس بالوجاهة، وليس من أجل الاستخدام العملي، ومنهم من يقيم في المنتجعات الفاخرة، ليس من أجل متعة الترحال والسفر والاستجمام، بل لأن يقول إنه أمضى أياماً في أحد فنادق خمسة نجوم العالمية للمظاهرة المالية.. وعلى المستثمرين القدامى إعادة النظر فيما تعرضه مؤسساتهم من منتجات وسلع، وعليهم استبدالها بما يريده مستهلك اليوم.. عملاء اليوم لايريدون أن يعاملوا كما يعامل الجميع، فلكل عميل شخصيته واحتياجاته المختلفة ويريد أن يعامل على هذا الأساس.. وكثير من الشركات المحلية ترفع شعارات براقة تعد فيها بتقديم أفضل الخدمات إلى العملاء وأنها تأخذ بالاعتبار للفروق الشخصية في تسويق منتجاتها.. قد يتطلب هذا تعديل الخدمات لتناسب الجميع، إلا أن هذا لا يمنع من القايم به لزيادة عوائدها.. ففي عالمنا المعاصر الذي أصبح فيه رجال الأعمال المبادرين يشار إليهم بالبنان، بات على الشركات والمنشآت الكبيرة التي تدار بطريقة تقليدية وتفتقر إلى روح المغامرة أن تسعى لاكتساب صفات المغامرة في مشاريع جديدة ومنتجات جديدة.. مثل هذه الشركات تحتاج إلى برامج عمل تأهيلية تنمي ملكة التجديد وتقوي حاسة الابتكار وتجعل مثل هذه الشركات أكثر قابلية للتعلم وأكثر استعداداً للمجازفة لتواكب المناخ العالمي الراهن الذي يتسم بالسرعة وتشتد فيه المنافسة، وفيه تحتاج المشروعات الإنتاجية لمستويات معينة راقية من التجديد والمرونة.
|