جاء لاهثاً من داخله.. يتقي بظلال الروح من زمهرير العتمة
أوصد الأبواب والنوافذ..
وضع إبهامه على ثقب الضوء
أطفأ بوح الشمس.. سلب الأشياء ألوانها..
ترجل عن صهوة وصايا الوالدين.. ممسكاً بعنان العصيان
استسلمت روحه لكوابيس الماضي.. وأشباح الحاضر.. اعتقد أنه الحقيقة..
تلبسه وهم الشهادة.. رآها تقترب منه.. فرح بالموت..
طفق يبحث عن قربان.. الصنم بعيد المنال.. أعياه البحث..
راح يبحث عن وسيلة.. استل سيوفاً هزيلة.. والصنم بعيد المنال.. اشتم
رائحة الغضب.. استكان إلى العتمة.. تشربت روحه القتامة.. راح يلملم بقايا الحياة في جسد إنسان..
اجتر قدميه الموحلتين من صمت المكان..
قهقهات الحزن تهز أضرحة الحقيقة..
أوقد نبراس اللاعودة..
راح ينشر رائحة الموت في أركان المدينة..
هناك خلف البحر في نفس المكان.. الصنم يعزف ألحان الحرية.. وهنا تقرع خفافيش الظلام طبول الحرب.. تجتر ربيع العصيان في داخل الذات.. تزف الأجل في عجل.. والصنم يرمقها مبتهجاً.. مسكينة أنت يا براءة الطفولة.. قتلوا فيك الغد.. ارتويت أملاً.. فارتوت بك أرض الوطن دماً.. ولم يبقَ سوى صرخة ممتدة عبر جغرافيا الوطن.. تلثم أكف المتضرعين.. وتعانق المنابر.. وتسترق من أفواه الأطفال أناشيد الصباح..
فيتوهج تراب الوطن غضباً.. يقض مضاجع الخفافيش.. ويفضح أجسادها المقززة وهي تهوي في مزبلة التاريخ.. بعد أن سقطت ورقة التوت.. وتكشفت الجذور النتنة.. لتبقى الحقيقة ناصعة نقية.. وتبقى يا وطني معادلة تتجسد فيها قيم السمو.. نعتلي بها.. عزةً.. وكرامةً.. وننعم فيها رخاءً.. وأمناً.. ولها الوفاء.. والولاء.. مهتدين بنور انطلق من هنا للعالمين.. وما بين رقصات المغازل.. وسكون لألأ الندى فوق أقبية الطين.. وبين ترانيم البلور في سماء الوطن.. لغة تهتديها أشرعة الخيرين.. وحكمة الصالحين..
ضاربة في عمق المستقبل.. تلفظ معاول الموت.. وتلعن الفساد.
|