الحكمة والمنطق وبُعد النظر التي نملكها بأي نسبة كانت تُملي علينا التبصُّر بأحوالنا وأحوال المحيطين بنا؛ فما يجري على الآخرين لا بدَّ يوماً أن يجري علينا أو على عزيز علينا، فالنعم نسعد بها ونشكر، والنقم نعتبر بها ونذكر. ولكن البعض حين حدوث النوازل يضج ويضجر؛ لأنه لم يعد العدة لها، ولو سأل عن هذه العدة والجاهزية لكان الجواب: بالاستعداد الوجداني النفسي الإدراكي، وتهيئة وتدريب المشاعر على التعامل مع صعاب العوارض والأزمات. عندها سنجد أنفسنا في راحة وطمأنينة تؤهلنا لاتخاذ إجراءات (فردية أو جماعية) مسبقة، إما لتحاشي هذا العارض أو الأزمة، أو على الأقل التقليل من وقعه النفسي وضرره المادي، وكل ذلك بطبيعة الحال بعد أن نكون قد استوفينا جرعاتنا الإيمانية بالقدر خيره وشره.
هذا على مستوى الفرد أو الأسرة، أما على مستوى المجتمع بكل مؤسساته فالعمل أوسع، والواجبات أكبر، والخطط أشمل لمواجهة الأزمات والكوارث، ولكل منهما مفهومها الخاص من حيث الأثر المرتجع أو الانعكاسي، وكثير من المجتمعات أو الدول التي أدركت بتجاربها وخبراتها حجم الكارثة لو حدثت اتخذت وسائل وسبل واحترازات وإجراءات استباقية، ليس لمنع الكارثة؛ إذ إن هذا غير عقلي ولا منطقي، ولكن للتقليل من حجم الخسائر ماديةً وبشريةً، ولا تعتبر المبالغ المدفوعة والمنصرفة على خطط مواجهة الأزمات والكوارث خسارة؛ إذ إن المردود واضح، والمكاسب سوف لا تقدَّر بالمال، خاصة إذا أدرك المخططون والتنفيذيون مقدار المسؤولية المناطة بهم, وما يأمله المجتمع منهم. وعلى أي حال فالشواهد بارزة وملموسة والأمثلة لا تحتاج إلى تفسير، والعاقل مَن اتَّعظ بغيره.
|