الإنسانية.. كلمة حلوة الترديد.. رقيقة وعذبة حين تنبض بها تلك القلوب الحية فتترجمها ألسن الإخلاص لتطرق آذان محبيها.. كنغم موسيقى أيقظ أحاسيس شجي.. وأجمل من هذه الكلمة معناها البعيد.. الذي لا يدركه إلا أصحاب المشاعر المتوقدة.. والعواطف المشبوبة.
فالإنسانية، قمة الفضائل، ولب المعنويات.. والإنساني هو من ينظر للحياة بمنظار الحقيقة.. هو من يمتطي زورق الطموح إلى شاطئ الكرامة.. متحدياً الأمواج الصاخبة.. والأعاصير العاتية.. مترنماً بنغمات السعادة المنشودة.. عازفاً على أوتار قلبه لحن الأمل.. ليجعل من أناته الحزينة نواقيس تدق في الأسحار موحية بانصرام سويعات السبات.. وليروي من عصارة فكره وروداً أوشكت أن تذبل لكي تستشعر نشوة الحياة.. فتتفتح أكمامها.. ويفوح عبيرها.. من جديد.
الإنساني.. هو ذلك العندليب المغترب بين فصيلة الطيور الجارحة.. يشدو بينها فلا تفقه شدوه.. يناجيها ويبثها لوعته فلا تعي حديثه.. ولا تصغي لمقالته.. فينزوي عنها ويقبل على الخمائل والجداول.. يقبل على التلال والصخور وعلى القيعان والوهاد لعلها تبادله الحنين.. فيكون جوابه منها صدى صوته العبقري..
عظيم أنت أيها الإنساني.. تمزق سهام الدهر خيالك حتى يصبح أشلاء مبعثرة في صحراء الضياع وتأبى كبرياؤك أن تستكين..! ينزف جرحك فتأنف أن تضمده حتى تسجل بقطرات دمك الزكي عبارات الخلود.. لتبقى رمزاً للوفاء.. لتبقى نبراساً منيراً لمن أراد أن يخدم الفضيلة.. ويجند أحاسيسه ومشاعره في سبيل سعادة أبناء جنسه..
* وأخيراً.. أنت رائع يا حمد.. أنت معنى من معاني الإنسانية.. أنت ضمير حي.. أنت روح فذة.. وما أنين حروفك عند انتحارها، وصوت زوارقك عند تكسرها، وخرير مياه جداولك عند فيضانها.. إلا همسات الحياة.. فمزيداً يا صديقي.
|