في مثل هذا اليوم من عام 1976 توفى العالم اللغوي الكبير عبدالحميد حسن الأمين العام لمجمع اللغة العربية بالقاهرة، فقد تطلع الغيورون على اللغة العربية في مصر منذ أكثر من قرن من الزمان إلى إنشاء مجمع للغة العربية، يضم الفحول من أهل اللغة والأدب، للنظر في لغتهم والمحافظة عليها، ووضع البدائل للألفاظ الأجنبية التي بدأت تشيع على الألسن، فاجتمع نفر منهم في بيت محمد توفيق البكري سنة 1892ضم: الإمام محمد عبده، وحفني ناصف، والشيخ محمود محمد الشنقيطي، وغيرهم من أهل اللغة، واتفقوا على إنشاء هيئة أو مجمع يقوم على حماية اللغة والمحافظة عليها، ووضعوا اللائحة التي تنظم شؤونه، وانتخبوا (البكري) رئيسًا لهذا المجمع، لكن هذا المجمع لم يُكتب له الاستمرار، فتوقف بعد أشهر قلائل، ولم تخفت فكرة إنشاء المجمع، فظلت الدعوات تتصاعد بضرورة قيام هيئة علمية تنهض بشؤون اللغة العربية، فأسس الشيخ محمد عبده سنة 1900 جمعية لإحياء العلوم العربية، لتكون نواة لمجمع جديد، ولم يُكتب لهذه الجمعية البقاء، فلحقت بمجمع (البكري)، وتوقفت عن العمل، ثم حمل الدعوة إلى إنشاء مجمع لغوي الأديب الكبير (حفني ناصف)، فكوَّن في سنة 1907 ناديًا لخريجي (دار العلوم) برئاسته، وعقد ندوة خاصة دامت نحو أسبوعين لمعالجة بعض قضايا اللغة، وألقيت في هذه الندوة بحوث للأساتذة: حفني ناصف، وحمزة فتح الله، ومحمد الخضري، وطنطاوي جوهري، وأحمد فتحي زغلول، ولم يكن حظ هذا المجمع بأفضل من سابقيه، فلم يستمر هو الآخر.ولم يكد يمضي على هذه الندوة عشر سنوات حتى أخذ أحمد لطفي السيد في سنة 1916في إنشاء ما يُسمى بمجمع (دار الكتب)، واختير الإمام سليم البشري شيخ الجامع الأزهر رئيسًا له، وقد استمر في عمله فترة قصيرة، فعقد 24 جلسة، ثم توقف عن العمل بعد اشتعال ثورة 1919، وحاول لطفي السيد استعادة نشاطه في سنة 1925 لكنه لم يفلح في ذلك، ولما تولى (أحمد لطفي السيد) وزارة المعارف اشتد اهتمامه بمشروع إنشاء المجمع اللغوي، وجعله تحت إشراف وزارة المعارف، حتى لا يكون نصيبه بعد ذلك مثل نصيب سابقيه، وبعد مجهودات مضنية في إقناع الحكومة تحقق إنشاء المجمع، وصدر مرسوم ملكي في 13 من ديسمبر 1932 بإنشاء مجمع اللغة العربية الملكي، وحدد المرسوم أغراضه بأن يحافظ على سلامة اللغة العربية، وجعلها وافية بمطالب العلوم والفنون ومستحدثات الحضارة المعاصرة، ووضع معجم تاريخى للغة العربية، وتنظيم دراسة علمية للهجات العربية الحديثة، وإصدار مجلة لنشر البحوث اللغوية.
|