في مساء يوم السبت 21-10-1425هـ توفي الوالد محمد بن عبدالرحمن بن أحمد الرومي - رحمه الله -، وقد كانت حياته مليئة بالمواقف المضيئة لمن خالطه وعاشره، فقد كان مجلسه لا يمل لحلاوة حديثه، فإنْ تكلم تكلم بلسان الحكمة، وإذا أشار أشار بالرأي السديد.
وكان يحوي في ذاكرته كماً هائلاً من القصص والروايات يجيد سردها شاداً المستمع بحسن سبكها وإيرادها، مستلهماً الدروس والعبر في ثناياها، مع حفظه لأشعارها.
ومما اتصف به - رحمه الله - حسن تعامله مع الناس، فقد أحبه القريب والبعيد، حيث بنى تعامله مع الناس على المسامحة وعدم المؤاخذة والتماس الأعذار لهم، وقد كان الجامع لذلك كله سلامة صدره - رحمه الله -.
ومما عُرف عنه تقديره لأهل العلم وكبار السن، فقد كان يتعاهدهم بالزيارة والسؤال عن أحوالهم، كما كان - رحمه الله - حريصاً على إجابة دعوات الناس ومشاركتهم في مناسباتهم حتى مع كبر سنه وضعفه، ومما كان يحمد له - رحمه الله - حرصه على إبراء ذمته من الحقوق المتعلقة بالناس وسرعة أدائها، حتى إنه كان في آخر حياته يعجل أحد أبنائه في دفع أي استحقاق عليه.
وقد توفي - رحمه الله - ولم نجد عليه أية التزامات مالية مع من تعامل معهم.
وقد كان يحفظ حق الصحبة لمن صاحبهم، دائم الصلة معهم حتى وإن كانوا في مناطق بعيدة عنه، وعُرف عنه - رحمه الله - الصبر في تحمل المصاعب والرضا بقضاء الله وقدره، حيث كان يدخل المستشفى فلا يسأل الطبيب عما به من امراض، وإنما يتولى ذلك أحد أبنائه، وكان دائماً يذكر أبناءه وجلساءه بما مَنّ اللهُ به على هذه البلاد من نعمة الأمن وما يترتب على فقدان هذه النعمة من المفاسد العظيمة.
ومن صفاته - رحمه الله - حرصه على إعانة أقاربه وتسهيل أمورهم فيما يحتاجونه قدر استطاعته، وكان يحب ممازحة أبنائه وأصحابه وإدخال السرور عليهم.
أما في جانب عبادته فقد كان دائم الذكر لا يفتر عن تلاوة كتاب الله عز وجل، يختمه كل ثلاثة أيام، مبادراً في أداء الصلوات، قَلَّ أن يتأخر عن تكبيرة الإحرام، حتى انه عرف عنه الحضور لصلاة الجمعة عند الساعة السابعة صباحاً.
فرحمه الله عز وجل رحمة واسعة، وبارك في عقبه، وجمعنا وإياه في دار كرامته..
إنه سميع مجيب.
(*) ابن الفقيد |