علاقة مفتوحة.. وثمار مستمرة

ما بين المجالس المفتوحة واللقاءات المباشرة تشكّلت أدبيات العمل السياسي السعودي، وما بين الحوار وتبادل الرأي تشكّلت ملامح التجربة السعودية في علاقة الحاكم والمحكوم.
هذه بدهية يعرفها كل من عرف هذا البلد، وهذه سمة يدركها كل من يراقب الممارسة السياسية الفريدة المطبقة في المملكة.
لقد كان انطلاق فكرة الحوار الوطني تطوراً منطقياً لما ينتظم المملكة أساساً من الشفافية والبساطة الإيجابية في علاقة الحاكم والمحكوم، ولذلك لم يكن تحقيق هذه الفكرة لجدواها أمراً مستغرباً، إذ تمهدت الأرضية لها من خلال إرث تاريخي راسخ، وجاء تنفيذها متسقاً مع سياق يتطور وينمو ليلبي كل المستجدات على جميع الأصعدة. ولا يغيب عن الأذهان أن الحوار العلمي والشمولي الذي يؤتي ثماره الإيجابية يجب أن يظل مفتوحاً ومتصلاً، فلا يقتصر على فئة دون غيرها، ولا يقتصر على مناسبة دون أخرى، وهذا ما تنهجه قيادة هذا البلد، حيث تتعدد محاور اللقاء، وتتنوَّع مناسبات الحوار، ولذلك يقوى عود الممارسة السياسية يوماً بعد آخر، وتترسَّخ التجربة على مرِّ الزمن لتنعكس خيراً ونماءً على المواطن والوطن.
ولعل لقاء سمو ولي العهد الأمين بطلاب جامعة الملك فهد للبترول والمعادن يعكس ملمحاً من المسار المستمر في اللقاء المباشر بين القيادة والقاعدة، حيث نقل سموه ما يجول في فكر القيادة من اهتمام بكل فئات أبناء الوطن، وتلمس عن قرب أوضاع أبنائه واهتماماتهم، حيث يشكّلون الغد الآتي بكل خير، ويرسمون ملامح المستقبل لكل البشريات القادمة بإذن الله.
لقد كان سمو ولي العهد كعهده واضحاً ومباشراً وجلياً فيما يقول، حيث أكد - حفظه الله - أن (كل شيء لدينا يقبل الأخذ والرد سوى العقيدة، وكل شيء يقبل المناقشة سوى الوطن ووحدته وعزته وأمنه).
ولعل مثل هذه الأرضية التي يؤكّد سمو ولي العهد عليها تضيء معالم الطريق، وتجعل الرؤية واضحة بعيداً عن الالتباس أو العتمة أو الضبابية.
منهج الحوار هو المنهج الراسخ بجذوره في هذا الوطن، ومنهج الشفافية هو السر الذي جعل اللحمة قوية ومتماسكة بين قيادة الوطن والشعب على مرِّ الأجيال، ولعل استمرار هذا النهج والإصرار عليه هو المحفز الحقيقي الذي يجعل خطى النماء في نشاطها المشهود، حيث أصبح ما نعيشه نهجاً يتدارسه الآخرون ويفيدون من نتاجه وعطائه.