* القاهرة - مكتب الجزيرة - عتمان أنور:
أكد مفكرون استراتيجيون وخبراء السياسة والعلاقات الدولية أن الخلافات والقطيعة الدبلوماسية بين المملكة العربية السعودية وليبيا ليست وليدة اليوم وانما كنتيجة لسجل حافل تحملت فيه المملكة العربية السعودية الكثير من ممارسات النظام الليبي المستفزة وتجاوزت عن العديد من الأخطاء التي ارتكبتها ليبيا غير أن الكيل قد فاض وطفح من جراء استمرار السياسة الليبية في تطاولها على سياسة المملكة ويضيف الخبراء أن حدة التوتر وصلت لذروتها بالمحاولة الفاشلة لاغتيال ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله بن عبد العزيز واحتفظت المملكة بحقها في مقاضاة النظام الليبي حسبما يؤكد أساتذة القانون الدولي - بامتلاك المملكة الأدلة الثبوتية غير أن المملكة اكتفت بقرار سحب سفيرها من ليبيا كما أن هذا القرار لا يمكن فصله كرد على المسارات التصاعدية الليبية المستفزة والتي تقف وراءها ثقافة مضادة لأي تقدم وأي تقارب عربي وبدا ذلك واضحاً في العديد من المواقف بدءاً من تهجم العقيد معمر القذافي على المملكة في مؤتمر القمة العربية بشرم الشيخ 2003 ثم محاولة الاعتداء على وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل ثم محاولة الاغتيال لصاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وقد واكب ذلك سياسة التهجم والاستفزاز المستمرة هذه السياسة التي يضعها المراقبون بأنها تهدف إلى النيل من المملكة وتفتت الرؤية العربية وإلحاق الضرر بالأمة العربية وثوابتها المستقرة.
فاض الكيل
يرى الدكتور محمد عبد الله رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشعب السابق أن المملكة العربية السعودية تحملت بالفعل الكثير حتى فاض الكيل وتجاوزت عن العديد من الأخطاء التي ارتكبها النظام الليبي في حقها ولا يمكن فصل القرار السعودي بطرد السفير الليبي عن مجمل المسارات التصاعدية التي شهدتها علاقات البلدين ورغم أن مسارات التصاعد كان يبدأها ودائماً الجانب الليبي من الملاسنات والتعدي بالضرب بكل منهجية مرفوضة إلى محاولة اغتيال حيث الملاسنة الشهيرة التي بدأها القذافي وتطاوله على المملكة في القمة العربية بشرم الشيخ مارس 2003 ورده إلى صوابه حينها صاحب السمو الملكي عبد الله بن عبد العزيز ولم يكن يتم احتواء الخلاف حتى تفجرت محاولة الاعتداء على وزير خارجية المملكة الأمير سعود الفيصل أثناء مشاركته اجتماعات وزراء الخارجية بالقاهرة في نفس عام 2003 وتم القبض على الليبيين وخضوعهما للتحقيقات بمصر ولم تكد هذه الفعلة الليبية تهدأ إلا وتأتي المحاولة الفاشلة لاغتيال اغتيال ولي العهد عبد الله بن عبد العزيز والتي أثبتت الأحداث تورط ليبيا فيها.
ويضيف عبد الله انه ورغم كل هذا المسار العدائي إلا أنه كانت تجري محاولات لرأب الصدع غير أن الكيل قد فاض بالمملكة العربية فاتخذت هذا القرار ولعل خلفية هذا المسار العدائي تعود إلى أحداث 11سبتمبر حيث اتبعت السياسة الليبية منهج الهجوم على سياسة المملكة في كل موقف ويرى الخبير الاستراتيجي اللواء كمال حافظ أن ليبيا دأبت على اعتبار أن النهج السعودي يساعد على الإرهاب رغم أن ما حدث بعد ذلك وشهدته المملكة نفسها نفى هذه المزاعم فالمملكة تواجه الإرهاب وتعاني منه وتتصدى له بكل حزم وقوة وتأكيدات ولى العهد الأخيرة توضح ذلك بجلاء حيث قال إن المملكة ماضية بكل عزم وشجاعة للقضاء على شأفة الإرهاب كما أن المملكة لا تدخر وسعاً في سبيل تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة ككل ولعل مبادرة ولي العهد التي تبنتها القمة العربية ببيروت كمبادرة سلام عربية تؤكد على هذا النهج وتؤكد حق الشعب الفلسطيني والحفاظ على الثوابت العربية وهذه المبادرة هي أساس الفعاليات العربية الآن إزاء تحقيق السلام والطريق الذي تسير عليه التحركات العربية ويأتي هذا في الوقت الذي كانت تعيش فيه ليبيا في وادي آخر من أطروحات ليست لها علاقة بالواقع وتبني أفكار بعيدة وعندما أرادت ليبيا الانفتاح على طريقتها على السياسية الأمريكية ورفع الحصار عنها قدمت ثمناً باهظاً وقدر الخبراء وقتها بأن ما دفعته ليبيا لضحايا لوكربي فاق ما دفع لضحايا حادثث 11 سبتمبر ورغم ذلك ظلت السياسية الليبية تهاجم المملكة مع أن المملكة ساعدت كثيراً في حل أزمة لوكيربي.
انتكاسة عربية
ويرى حافظ العلاقات الليبية العربية قائمة على التوتر أكثر منها على الاستقرار فحال العلاقات الليبية المصرية سادها فترات كثيرة من التوتر غير أن ليبيا كانت تتعامل مع فترات التوتر بما يشبه الجنوح والتطرف فهي تساعد ذلك على توزيع وانتقاد سياسة بلاده وتساعد آخر على بث أحاديث مضادة للنظام المصري وحالها مع المملكة العربية السعودية لا يختلف في التوتر عن حالها مع مصر وبقية البلدان العربية ولكن الأزمة الأخيرة التي حدثت بين المملكة وليبيا جاءت بعد سلسلة من التوترات اتخذت فيها ليبيا مواقف غير مبررة دائماً ويؤكد الدكتور مصطفى الفقي رئيس لجنة العلاقات الدولية لمجلس الشعب المصري أن الأزمة الحالية بين الممكلة العربية السعودي وليبيا من شأنها أن تصيب العلاقات العربية - العربية بانتكاسة شديدة وسوف تشهد الفترة القادمة مزيداً من التدهور وتتأثر بالطبع العلاقات العربية - العربية كلها ففي الوقت الذي يحاول فيه الجميع العمل على رأب الصدع العربي وتوحيد الرؤى وفي مقدمة هذه المحاولات الجهود الحثيثة للمملكة العربية السعودية غير أن الأزمة تواصلت إلى حد سحب السفراء والتصرفات الحالية تثير الشكوك والحذر مثل الشك والحذر الذي هيمن على المراقبين عندما فوجئوا بتقارير حول خطة اغتيال صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله بن عبد العزيز وقد تم استدعاء كافة الأحداث السابقة من بداية التطاول على دور ومكانة المملكة إلى محاولة الاعتداء على وزير الخارجية سعود الفيصل إلى الكشف عن محاولة اغتيال ولي العهد ويرى الدكتور نبيل حلمي أستاذ القانون الدولي أن من حق المملكة العربية السعودية في سحب سفيرها من ليبيا يعود الى تكشف محاولة الاغتيال الفاشلة التي تعرض لها صاحب السمو الملكي الامير عبد الله بن عبد العزيز ولكن المملكة كانت صبورة الى اقصى حد مع احتفاظها بحقها وقد سارت الامور من سيىء إلى أسوأ حيث لم يقدم الجانب الليبي اية تفسيرات مقنعة بل استمرت السياسة الليبية في اتهام السياسة السعودية وتجلي ذلك في حديث العقيد معمر القذافي الأخير لأحد الفضائيات الأجنبية ان هناك نظماً تيوقراطية وانه ضدها وانه في معسكر واحد مع أمريكا ضد العائلات المالكة وباستمرار هذه السياسة التي تظهر منها عدوانية تصاعدت الأزمة حتى وصلت إلى حالتها الراهنة كما انه مع امتلاك المملكة العربية السعودية أدلة تثبت أن ليبيا متورطه في محاولة اغتيال صاحب السمو الملكي الامير عبد الله بن عبد العزيز لها كامل الحق في قطع العلاقات الدبلوماسية كما لها الحق في اتباع الاجراءات القانونية في مقاضاة ليبيا حال امتلاكها أدلة ثبوت تورط ليبيا في محاولة الاغتيال.
|