Wednesday 29th December,200411780العددالاربعاء 17 ,ذو القعدة 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الاقتصادية"

رأي اقتصادي رأي اقتصادي
الاتفاقية البحرينية الأمريكية والاتحاد الجمركي الخليجي والجمع بين المتناقضات (1-2)
د. محمد اليماني

تسببت اتفاقية التجارة الحرة بين البحرين والولايات المتحدة الأمريكية في إحداث خلاف كبير بين المملكة والبحرين وبما يؤثر مستقبلاً على فاعلية مجلس التعاون، ولاسيما أن هناك اتتفاقيات مماثلة مرتقبة بين بعض دول المجلس -بشكل أحادي- وأمريكا. وبعيداً عن أية اعتبارات أخرى، فإن عقد الاتفاقيات بين دول المجلس وأمريكا -كل دولة على حدة- هي رغبة أمريكية عبر عنها أحد مسؤوليها في مؤتمر الكوميكون الأخير الذي كان أحد آثار الاستجابة لها إضعاف الموقف التفاوضي لدول المجلس- كتكتل اقتصادي واحد- أمام دول الاتحاد الأوروبي التي طالبت بمساواتها بأمريكا.
والذي يعرف الفرق بين التفاوض مع الآخرين ضمن تكتل والتفاوض بشكل فردي يدرك أن المكاسب في الحالة الأولى أكبر منها في الحالة الثانية والخسارة بالعكس، وأن الطرف الآخر سينتزع من مجموعة الدول تنازلات أكبر بكثير عندما يتفاوض معها بشكل فردي موازنة فيما لو تفاوض معها بشكل جماعي لأن التفاوض بشكل فردي يدخلها في منافسة مع بعضها البعض ظناً منها أن ذلك يحقق لها مكاسب أكبر، مما يجبرها على تقديم تنازلات أكبر من تلك التي كانت ستقدم فيما لو كانت مواقفها جماعية.
من أبسط بدهيات الاتحادات الجمركية أن اتفاقيات التجارة الحرة المعقودة بين دولة عضو في الاتحاد بشكل منفرد وأخرى خارجة تتعارض مع روح هذه الاتحادات وتفرغها من مضمونها ذلك أن الاتحاد الجمركي يحول الدول الأعضاء إلى دولة واحدة فيما يخص التجارة مع العالم الخارجي، وعقد دولة عضو بشكل منفرد اتفاقيات بحجم اتفاقيات التجارة الحرة يشبه تماماً عقد إحدى مناطق وحدة سياسية لاتفاقيات مماثلة مستقلة بذلك عن بقية المناطق مع دولة أخرى مستقلة.
ولذا فإن موقف المملكة مبرر تماماً ذلك أن آثار هذه الاتفاقية في ظل وجود الاتحاد الجمركي بين دول مجلس التعاون سيتعدى إلى المملكة وستكون البحرين هي البوابة الخلفية التي يمكن من خلالها تمرير ما لايمكن تمريره بشكل واضح.
ينتقد البعض موقف المملكة ويصفه بأنه محاولة منها لفرض سيطرتها وهيمنتها على دول المجلس وعدم احترام سيادة هذه الدول. ونسي هؤلاء أن التحالفات بين الدول تستلزم تنازل كل منها عن جزء من سيادتها فيما يخص موضوع التحالف لصالح بقية الدول سعياً وراء تحقيق هدف مشترك للجميع، وهذا التنازل عن السيادة وما يترتب عليه محصور فقط بين الدول الأعضاء، وأي منح لامتيازات مساوية أو أكبر من تلك التي يتيحها التحالف لأطرافه لطرف ثالث من قبل دولة عضو فيه يعني ثقل هذا التنازل بما يمنحه من امتيازات للطرف الثالث بدون أخذ إذن أصحاب الحق وهذا هو التعدي على السيادة.
إن بعض الاتفاقيات التي تعقدها بعض دول المجلس منفردة لا تتسبب في إثارة المشاكل الثنائية أو العابرة بينها، بل إنها تهدد كيانه ومستقبله، وآثارها لا تقتصر على الاتحاد الجمركي وإنما تطال الخطط المستقبلية مثل الاتحاد النقدي والعملة الخليجية الموحدة التي تتطلب مزيداً من التنسيق.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved