بعد أيام تحتضن العاصمة الأردنية عمّان اجتماع دول الجوار العراقي الذي سبق أن عُقد على مستوى وزراء الخارجية في عواصم دول الجوار، وتمخض عنه عدد من التوصيات والتفاهمات انعكست إيجابياً على الوضع في العراق، إلا أن الدول المجاورة، بالإضافة إلى مصر، واصلت هذه الاجتماعات التي تعقد بالتناوب بين عواصم الدول المجاورة.
وإذا كان الاجتماع الأول الذي عقد في تركيا بمبادرة من رئيس الوزراء آنذاك، وزير الخارجية التركي الآن عبد الله غول، قد ركز على بحث الأخطار المترتبة على العراق والدول المجاورة له إذا ما شُنت الحرب واستمرت أكثر مما هو مقرر لها، وخرج المجتمعون بقرارات كانت متوافقة مع الأحداث المتسارعة في ذلك الوقت.
الاجتماع الثاني عُقد في الرياض وحقق نتائج جيدة انعكست إيجابياً على الوضع في العراق خاصة فيما يتعلق بدعم الأعمال الإغاثية.
وفي الاجتماع الثالث الذي عُقد في دمشق طرحت مشاركة العراق خاصة بعد تشكيل حكومة عراقية وقيام مجلس الحكم العراقي، إلا أن إشكالات تنظيمية وإدارية حالت دون مشاركة العراق الذي شارك بوزير الخارجية الحالي هوشيار زيباري في اجتماع الكويت الذي مكن الحكومة العراقية من إسماع صوتها وتقديم مطالبها؛ وبالتالي لم تعد اجتماعات دول الجوار مقصورة على توجهات وآراء وحتى مصالح الدول المجاورة للعراق، بل أصبح الصوت العراقي حاضراً بقوة، بل أكثر من ذلك طغى ذلك الصوت العراقي الذي لم يكن بالضرورة متوافقاً مع آراء وأصوات بعض الدول المجاورة، خاصة أن الموقف العراقي قد تبنى وجهة نظر المحتل الأمريكي التي تتعارض مع مصالح بعض الدول المجاورة.
الآن وبعد تشكيل حكومة إياد علاوي أخذت الأصوات من داخل الحكومة، ومن وزراء مشاركين فيها، تتهم دول الجوار بالتدخل في الشؤون العراقية.. ومع أن وزيري الداخلية والدفاع قد حددا بالاسم إيران ثم أخذت الاتهامات تتجه إلى سوريا بالتدخل في الشؤون الداخلية العراقية، حيث اتهم وزير الداخلية العراقي حازم الشعلان سوريا بدعمها العناصر التي تنفذ الأعمال الإرهابية في العراق، في حين اتجهت الاتهامات إلى إيران بدعمها جماعات حزبية تمتلك تنظيمات شبه عسكرية، وأن أجهزة المخابرات الإيرانية متغلغلة في المؤسسات العراقية والأحزاب الشيعية التي كان قادتها يعيشون في المنفى الإيراني أثناء حكم نظام صدام حسين.
هذه الاتهامات وجدت طريقها إلى بعض وسائل الإعلام العراقية، بعضها لكي ينفي الاتهامات الموجهة لإيران إذ أخذ يوسع الدائرة متهماً كل دول الجوار. وإذا كانت إيران تدعم الأحزاب الشيعية ومليشياتها وخاصة من قبل الأطراف المتشددة في إيران، والمقصود هنا ليس الحكومة الإيرانية، بل الاتهام موجه لتيار المحافظين في إيران.. فإن التهمة توجه إلى سوريا لدعمها المقاومة العراقية التي يقودها البعثيون.
وتركيا تتهم بدعمها العناصر التركمانية والتحريض على التصدي للأكراد الساعين للسيطرة على كركوك والموصل.
أما المملكة العربية السعودية، فالاتهام ليس موجهاً للدولة والحكومة، بل موجه للسعوديين الذين يدخلون العراق عن طريق دولة ثالثة، وهؤلاء السعوديون لا يمكن الجزم بعدم وجودهم، إلا أن المتابعين للوضع في العراق يعتقدون أنهم يمثلون حالات فردية قليلة مثلهم مثل باقي الجنسيات الأخرى من أفغان وشيشان وسوريين ولبنانيين وفلسطينيين وكويتيين وجنسيات مختلفة يتبعون تنظيم القاعدة الذي يقوده أبو مصعب الزرقاوي في العراق؛ وبالتالي فإنه لا يمكن الاتفاق مع ما تنشره بعض الصحف العراقية عن مسؤولية دول الجوار عن وجود هؤلاء في العراق، وإلا اتهمت الشيشان وأفغانستان مثلما تتهم السعودية والكويت تلميحاً وتصريحاً بالتدخل في الشؤون الداخلية العراقية تحت يافطة (تدخل دول الجوار في الشأن العراقي).
هذا الأمر أزعج هذه الدول التي بذلت جهوداً كبيرة لإنهاء الوضع الشاذ في العراق في حين توجّه إليها الاتهامات دون دليل.
|