Wednesday 29th December,200411780العددالاربعاء 17 ,ذو القعدة 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "مقـالات"

بلا تردد بلا تردد
الحضن المفقود
هدى بنت فهد المعجل

حضن مَنْ يشعرنا بالدفء والأمان؟
بالدعة حيثما كنّا.. وفي أي حال صرنا!!
حضن من ينسينا ما لا نقوى على نسيانه؟
ويحتوينا بطهرنا، ودنسنا.
ببياضنا، وسوادنا.
بثباتنا، وتقلبنا.
بعطشنا، وارتوائنا.
بجوعنا، وبشبعنا..!!
حضن من يتسع لأنفسنا المتعبة، والثابتة، والرجراجة، والهلامية..!
كثيرة هي الأحضان..!
للوطن حضن.
للأم حضن.
للصديق حضن.
للابن حضن.
وللجميع أحضان.
بيد أنه ليس كل حضن، حضناً.
الحاضنة تضيق أحياناً بمن فيها، فتمارس عملية الرفض للآتي حديثاً، أو تقيّد اسمه في سجل الانتظار.. لتذكرني بالحجوزات على خطوط الطيران، وقائمة الانتظار الممتلئة بالراغبين في السفر ولا مقعد مهيأ لاحتضانهم.
حتى الجمادات تضيق باحتضانها للبشر فترفض استقبال من لا يتسع المكان، والمدرج، لهم.
أسهب الأدباء في إدراج لفظه (الحضن) في قصائدهم، وقصصهم، ورواياتهم، ونثرهم فتخيلت حضناً يستوعب الكل.. ويهب للكل الدفء، والأمان، والدعة، والاطمئنان لأفاجأ بأن لا حضن لنا.. ولا حضن يترقبنا.
وبأن الأساطير صورت لنا ما لا يرى، أو يلمس، ويحس سوى في الخيال المجنّح.
(فانتازيا)
الرضيع يبكي بمجرد إحساسه بأن التي تحتضنه ليست ذات الرائحة المعتاد ة له.. وما أن يكبر قليلاً حتى يستدل على عبائتها من الرائحة التي وجدها يوماً أن كان حضنها مأواه، وسكنه، ومستقره.
الطفل نستطيع امتصاص ساعة غضبه بضمه مفاجأة إلى حضن يستوعب أخطاءه ويذيبها في محلول لا يبقي لها أثراً.. فإذا اعتاد الحضن تلاشى الغضب شيئاً فشيئاً.. فماذا عن اليافع، والبالغ، والكبير!!ألا يحتاج الحضن نفسه؟؟!!
أم أن الأحضان للصغار وحدهم..؟!!
لأنك لم تعتد على احتضان ابنك يستغرب ضمك المقلق له..!!
يمتص الحضن سورة الغضب، وينسي العيون السهاد، وتضمحل المتاعب، وتتناقص الهموم، وترتوي الشفاه المتعطشة، ويشبع الكبد الجائع.
ولكن أي حضن ذاك الذي يشعرنا بالأمان.. بالدعة.. وبالاطمئنان..؟ ومن يعترف بأن الاحتياج للحضن لم يقيد بجنس أو بعمر، أو بلون، أو بحالة نفسية دون الحالة الأخرى.يصفّي الحضن من الصدر ما لا تستطيع سنوات النسيان محوه وتصفيته.وإن صفّته سنوات النسيان لا يلبث أن يعود بفعل تكالب الأحداث المحرّضة على التذكر والموقظة للذاكرة.فماذا عن الحضن؟؟!!دور الحضانة: مدارس يُعلم فيها الأطفال الصغار ويعتنى بهم.وحضن الوالد لابنه: أي كفله ورباه.وحضن الطائر البيض: بأن رقد عليه ولزمه للتفريخ.فهل أخذ الوالد بالمعنى الآخر للحضن وضمه إلى صدره؟وهل تهب دور الحضانة للأطفال الصغار دفء حضن ينشدونه؟
وهل عثر أحدكم على حضنه المفقود، أو وهب لأحد حضنه ريثما يعثر على حضن فقده..؟
يا لبؤسنا والفقد..!

فاكس : 843534403


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved