في مثل هذا اليوم من عام 1948 تم اغتيال محمود فهمي النقراشي رئيس وزراء مصر.
ويقول الشيخ يوسف القرضاوي في وصف الحادث إنه في اليوم الثامن والعشرين من شهر ديسمبر - أي بعد حل الإخوان بعشرين يوماً - وقع ما حذر منه الإمام البنا، فقد أُذيع نبأ اغتيال رئيس الوزراء ووزير الداخلية والحاكم العسكري العام (محمود فهمي باشا النقراشي)، في قلب عرينه في وزارة الداخلية، أُطلقت عليه رصاصات أودت بحياته.
وكان الذي قام بهذا العمل طالباً بكلية الطب البيطري بجامعة (فؤاد الأول) بالقاهرة، اسمه (عبد المجيد حسن) أحد طلاب الإخوان، ومن أعضاء النظام الخاص، الذي قُبض عليه في الحال، وأودع السجن، وقد ارتكب فعلته، وهو يرتدي زي ضابط شرطة، لهذا لم يُشَك فيه حين دخل وزارة الداخلية، وانتظر رئيس الحكومة، حتى أطلق عليه رصاص مسدسه.
وعُين (إبراهيم باشا عبد الهادي) نائب النقراشي خلفاً له في رئاسة الوزارة، الذي صمم على أن يضرب بيد من حديد، وأن ينتقم لسلفه النقراشي.
ولم يكن للأستاذ البنا صلة بهذا الحادث، ولا علم له به، ولما سُئل عنه قال: (إن جماعة الإخوان لا تتحمل وزر هذا الحادث؛ لأنها غير موجودة بحكم القانون؛ فكيف تتحمل تبعة عمل فرد ليس لها قدرة على أن تحاسبه، بل ولا مشروعية أن تسأله؟! وهو الذي حذرت منه أن ينطلق الأفراد بدوافعهم الذاتية يفعلون ما يشاءون).
وقد اعتقلت الحكومة بعض الأفراد مع عبد المجيد، منهم: عبد العزيز البقلي الترزي الذي خاط له حلة الضابط، والشيخ سيد سابق، الذي قيل: إنه أفتاه بذلك، والذي أطلقت عليه الصحف اسم (مفتي الدماء)، واتخذ من ذلك مصورو الكاريكاتير مادة للسخرية والتشهير، ومما يُذكر من نكات الشيخ سيد سابق - وهو رجل خفيف الروح - أنه عندما قُبض عليه سألته المباحث عن (مالك)، فقال: (رضي الله عنه، كان إماماً من أئمة المسلمين).
قالوا: إنما نسألك عن (محمد مالك) الإرهابي الخطير الهارب! قال: هذا لم ندرسه في الأزهر، إنما درسنا (مالك بن أنس)! وقد برأت المحكمة ساحة الشيخ سيد.في تلك الآونة وقعت حادثة كان لها صدى ودوي، وهي حادثة محاولة نسف محكمة الاستئناف بالقاهرة، التي اتُّهم فيها الأخ (شفيق أنس)، وقُبض عليه فيها، وكان ذلك بحجة أن فيها أوراقًا تخص بعض قضايا الإخوان، وقد أغضبت هذه الواقعة الأستاذ البنا وساءته، وثار على من فعلها ثورة شديدة؛ وهو ما دفعه إلى أن يصدر بياناً نشرته الصحف في حينها، يبرأ فيه ممن اقترف هذه الفعلة، ويقول في نهاية بيانه عمن فعل ذلك أو شارك فيه: (هؤلاء ليسوا إخواناً، وليسوا مسلمين) بهذا الحسم البين.
|