في مثل هذا اليوم من عام 1903 تم افتتاح المتحف الإسلامي بالقاهرة.
وقد بدأ التفكير في إنشاء (متحف للفن الإسلامي) منذ سنة 1892 وفي سنة 1899 طلبت (لجنة حفظ الآثار العربية) من الحكومة المصرية آنذاك أن تقوم بوقف بعض الأطيان الأميرية الحرة (على ذمة الانتكخانة العربية)، ولكن اللجنة المالية، التي كان يسيرها صندوق الدين الأجنبي آنذاك رفضت فكرة الوقف، واكتفت بتخصيص ريع الأطيان للغرض المقصود تخصيصاً إدارياً فقط، والسبب هو أن صندوق الدين كان يعارض سياسة تحويل الأراضي الأميرية إلى الأوقاف، لأن وقفها كان يخرجها من دائرة نفوذه وسيطرته على مالية البلاد.
وتكشف (وثائق لجنة الآثار العربية) - بما فيها وثائق تأسيس متحف الفن الإسلامي بباب الخلق بالقاهرة - عن عزم اللجنة آنذاك للعناية بتلك الآثار التي حفظتها المؤسسات الوقفية على مر العصور السالفة، من أجل إعادة توظيفها لتكون (من وسائط الرقي في الصناعة الشرقية، والمحافظة على خصوصية التراث، ولجذب السواحين، على حد ما عبر عنه دكريتو تعيين قومسيون للآثار التاريخية بمصر (دار الوثائق بالقاهرة - محافظ عابدين- محفظة رقم 163).
والزائر لمتحف الفن الإسلامي بالقاهرة اليوم يجد كثيراً من مقتنياته عبارة عن آثار وقفية من الثريات، ومنابر المساجد، والسيوف، والمشغولات الذهبية، والمصاحف، والدروع، وغير ذلك من التحف النادرة التي تمّ جمعها من مصادر مختلفة، كان من أهمها المؤسسات والمباني الوقفية القديمة، إلى جانب بعض الوقفيات الأثرية التي خصصها يوسف كمال التي وقفها تباعاً من سنة 1913 إلى سنة 1927، واشتملت وقفياته على مجموعات نادرة من المقتنيات الأثرية، من نفائس التحف ذات القيمة العالية في فنها وجمالها الذي لا يقدر بثمن، وقد حرص الواقف على تسجيل القطع الأثرية التي وقفها قطعة قطعة، مع وصف تفصيلي لكل منها، وذكر منشأ صناعتها، وتاريخ صنعها وثمنها الذي قدرت به (في سنة وقفها)، وهي تشمل مجموعات من الأطباق والصحون، والأباريق، والثريات، والخناجر، والسيوف، والمشغولات الفضية والذهبية، واللوحات الفنية، وكلها ذات نقوش وزخارف ورسوم آية في الجمال، وتنتمي إلى بلدان متعددة من الصين شرقاً إلى تركيا شمالاً، ومراكش غرباً، والسودان جنوباً، ويرجع تاريخها إلى عصور مختلفة منها القديم، ومنها الوسيط، ومنها الحديث.
وقد بلغ عدد القطع التي وقفها - أربعمائة وخمساً وتسعين قطعة - وأمر بنقلها بعد أن وقفها إلى (دار الآثار العربية الإسلامية المصرية) بجهة باب الخلق، لينتفع بها استغلالاً فقراء المسلمين، وبرؤيتها ومشاهدتها الصناع والمخترعين، وغيرهم من الهيئة الاجتماعية تعلماً واستفادة ومشاهدة، ويصرف ريعها -من الرسوم التي يدفعها الزائرون- للفقراء والمساكين على الدوام).
|