الإعلام سواء كهيئة مستقلة أو نشاط داخل هيئات أخرى يسعى إلى نقل الحقائق والمعلومات التي تهم أفراد المجتمع إلا أن هذا التعريف محصور بالجانب المضيء للإعلام، في حين أننا نعيش في ظل تخبطات إعلامية يصعب فرزها أو تصنيف أهدافها فهي ليست مقصودة بما تحمله الكلمة من معنى، وفي الوقت نفسه ليست تلقائية لكن أكاد أجزم بأنها في مجملها انتقائية، والإعلام في وقتنا الحاضر لا يترك الأثر المنشود الذي يسعى إليه الإعلام المتزن.
والأمن بمفهومه العصري يعد مصدراً من مصادر المعرفة والثقافة والترفيه والحماية الشاملة والمقننة من الانزلاق والانسياق خلف الشهوات والشبهات والعنف والنيل من حريات الآخرين وحقوقهم المادية والفكرية.
ولذلك كان الأمن الفكري هاجس الجميع ولاسيما المؤسسات التربوية والأمنية كونها مؤسسات مجتمعية تسعى إلى تهيئة الأسس الصحيحة للمناشط البشرية في بناء مجتمع يواكب المجتمعات المتطورة مع الحفاظ على النسيج والتناغم القيمي لهذا المجتمع، وقد عقدت الندوات واللقاءات وورش العمل بغية تعزيز الأمن الفكري متخذين من التداخلات الثقافية والفكرية من خلال وسائل وتقنيات الاتصال مبرراً لوضع حد لهذه التدخلات والعود بالمجتمع إلى حالة الاستقرار الفكري والأمني الذي اعتاد عليه.
لقد تناول الطرح في هذا الموضوع جوانب عدة انصب معظمها على تأكيد أن مسألة الأمن الفكري مسألة استراتيجية مفادها أن تفهم حقيقة أمن المجتمعات وبلوغه، فما هي الرؤية الواضحة والاستراتيجية الشاملة لمفهوم الأمن الفكري؟ وهل هذه الرؤية شاملة البعد الكوني أم قابعة داخل سياج الخصوصية؟
إن الجواب عن هذين السؤالين يحدد مقومات ومفاهيم الأمن الفكري، وبتحليل تلك المفاهيم نجد أن الفكر الأمني منطلق أساسي للأمن الفكري... والفكر الأمني إذا ما أعد من قبل الهيئات إعداداً جيداً وهيأت له الظروف المناسبة وآليات تنفيذ فعالة ومتدرجة وفق مراحل الإدراك الإنساني، فإن نتائجه حصيلة من المفاهيم والحقائق الأمنية المدعومة بأدوات علاجها وتجنبها يمتلكها كل فرد من أفراد المجتمع، وتظهر نتائجها على المدى الطويل وتأمن الانحراف الفكري الذي يعد من أخطر أنواع الانحراف.
كما يجب على الجهات التوعوية في الهيئات الأهلية إذا ما وجدت وإذا ما أرادت وضع برنامج وقائي وعلاجي لهذه الظواهر أن تدرك بأن مراحل الانحراف تبدأ بالعلم به، ثم الاقتناع، ثم الإرادة والتنفيذ... وهنا تكمن أهمية الفكر الأمني المتمثل في تقويم الفكر الصحيح، وبناء فكر علمي ناقد يمكن الفرد من تقييم ما يصل إليه من فكر ورصد أبعاده، ويمكنه كذلك من تحديد أدوات وآليات الحماية من الانحراف الفكري الذي يلازم الفرد معظم فترات حياته.
ويعد التخطيط السليم الأسلوب الأمثل الذي يُمكن الهيئات الأهلية من تسيير العمل من خلاله وفق خطط وبرامج محددة تستشرف المستقبل واحتمالاته، وتوظف الإمكانات المادية والبشرية لمواجهة متطلبات الأمن الفكري وفي مقدمتها الفكر الأمني.
ويستمد التخطيط السليم كفاءته وموضوعيته من نتائج الدراسات والبحوث الميدانية المقننة، ومن قواعد البيانات والمعلومات التي توفرها في عصرنا الحاضر تقنية المعلومات، حيث إن مجموعة الأفكار النظرية التي تُعد أساسية للآراء حول منهجية البحوث والدراسات، هي تلك التي تتعلق بالبيئة التي تحدث فيها معالجة المعلومات، التي مؤادها سلسلة من الإجراءات تمثل مراحل المعالجة للظاهرة التي يفترض أنها تبرز من خلال مدخلات المعالجة البحثية ومخرجات التحليل الإحصائي.
|