استخدم البدائيون المواد المخدرة على نطاق واسع لسببين الأول كمادة مخدرة والثاني باعتبارها مادة مثيرة ومنشطة للقوى الحيوية العضوية، فالمواد المخدرة ليست من اكتشاف الأجيال المعاصرة فمنذ سبعة آلاف سنة قبل ميلاد المسيح عليه السلام تقريبا عرفت بعض الحضارات خصائص التخدير من نبات الأفيون كالمورفين والهيروين والحشيش.
ويعود استخدامها إلى مراحل مبكرة من التاريخ ولقد اكتشف الطب الحديث عقاقير صناعية مركبة من المخدرات للقضاء على الآلام، وهذه العقاقير يمكن تصنيعها بوسائل غاية في البساطة ودون الحاجة إلى معرفة تكنولوجية متعمقة وبذلك يسهل عدم اللجوء إلى الإنتاج غير القانوني للمواد المخدرة: إن من كبرى المصائب التي ابتليت بها البشرية هي مصيبة المخدرات والمجتمع الذي تنتشر فيه المخدرات تنتشر فيه الجريمة، إذاً المخدرات والجريمة وجهان لعملة واحدة ولقد حيرت المخدرات زعامات العالم ورجال الأمن ومكافحة الجريمة فهي تسيطر على متعاطيها تمام السيطرة فتحوله من شخص كامل الأهلية إلى عبد مسير حسب أهواء الإدمان وتلبية رغبات الجسد المقيد بمعضلة الإدمان، فأصبح المخدر عنصراً ثالثاً يدخل في بناء خليته مع الطاقة والأوكسجين، وللمخدرات ألف باب تدخل منه إلى جسد البائس المسكين فمرة تكون من باب التجربة وحب الاستطلاع ومرة تكون من باب التقليد، ومرة تكون وسيلة لاستكشاف إبداع موهوم أو لاقتناص لحظات عابرة من المتعة أو اللذة ومرة يدخل إليها المرء من شباك اليأس المقيت، فها هي زوجة الفنان الأوروبي توم كروز وبعد طلاقها منه تعبر عن يأسها من الحياة وهي التي عرفت الشهرة والترف المادي، ها هي تعلم العالم وبمكاشفة اليائس المبتور أنها ليست فقط مدمنة للمخدرات بل إنها جربت المخدرات بكل أنواعها وأصنافها بدءاً من الحشيش وانتهاءً بالهيروين والمورفين بل قد مرت على طرق التعاطي المختلفة. فيا عجباً أي فراغ عاطفي وذهني وروحي يعاني منه سقيط المخدرات وأي هوة سحيقة بينه وبين السعادة يحس بها مدمن المخدرات. والأمثلة كثيرة على كيفية تسلل المخدرات إلى أجساد اليائسين البائسين. وان المتمثل بحل المدمن اليائس ليس له إلا أن يتذكر قول الله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ} الآية.
إن سقوط اليائسين من الحياة ممن سقطت عقيدتهم وأصيبوا بفراغ روحي ليس بشيء مستغرب المستغرب فعلا كيف ييأس من يعلم أن الله ربه الذي خلقه وأوفى رزقه وأجله وكتابه وغناه وفقره وعزه وذله فلم اليأس وأمر المؤمن كله خير فإن أصيب صبر وأن أنعم عليه شكر؟ لا يوجد ولا يمكن أن يوجد مدمن للمخدرات وهو مؤمن بالله معتمد عليه أن يقع في هذا إلا أن يخدع أو يكره على أمر لا يريده، أما أن يقع وقوع الفراش في النار فذلك أمر مستحيل ومستبعد.
اليأس مصيبة عظيمة تنتج عن انعدام الإيمان بالله، فخير حصن يحمينا من المخدرات هو حصن الإسلام والعقيدة الصحيحة فهل نتعظ من غيرنا ونكون أهلاً للخير أم ننتظر أن تحل المصائب فينا وحينها لات ساعة مندم؟
الخلاصة يجب أن نحصن أنفسنا قبل كل شيء بالعلم الشرعي وإفهام العامة أهمية الالتزام بالشرع لما فيه من خير لديننا وآخرتنا.
|