بماذا نصف حشود المتطفلين على أحداث الإرهاب، وهم يمارسون هواية التجمهر الأثيرة لدى الكثيرين منا؟
حالة الفوضى التي يجيشها هؤلاء المتطفلون البسطاء هي ما لا تفرق بين مفهومهم في الفضول كعادة مزمنة، وبين إعاقة الأداء لمهمة رجال الأمن.
كما أن المفهوم لديهم لا يختلف عن الوقوف على حادثة طريق، حيث اعتادوا أن يتكوموا حول المصابين ويمنعوا عنهم الهواء في ظل بطء الإجراءات المعروفة والروتين لإنقاذ حياة الضحايا.
لدينا جماهير عريضة جاهزة للمشاهدة، وللتصفيق، والتعليق، لكنها أيضا تدخل في منظومة الأداء، فجلّهم يؤدي المشاهدة والتجمع كثقافة زمن أدمنوا عليها، وبعضهم الآخر يرخي مسامعه لفضيلة قالوا وسمعنا، والأهم من ذلك أن تتواصل هذه العادات التي لم تحبس في مدرجات الكرة والتشجيع، بل ان أداءها تواصل وتداخل مع كثير من المشاهد الحياتية، حتى وان كان ظرفاً أمنياً طارئاً، كما هي حوادث وجرائم الإرهاب والتخريب.
هل هي شجاعة، أم حماسة، أم عادة متلازمة لا تفرق بين ظرف وآخر؟
ثمة برامج تلفزيونية قديمة كان بعضها يضم جماهير، ولابد أن بعض فواصلها تحتاج شيئاً من التصفيق، لكن جماهيرنا حينها كانت تؤدي رقصة النشاز بتصفيق متواصل عند كل وقفة، بحاجة ومن دونها، وكأنها نفس الجماهير التي خرجت للتو من مباراة حماسية لكرة القدم.
في حادثة القنصلية الأمريكية في جدة، مارس بعض المارة والحاضرين هوايتهم، وقبلها كانت إحدى حالات المداهمة لوكر إرهابيين في جدة، كان فيها الفضوليون يمارسون قتالاً آخر فيما بينهم للرؤية الحية، بينما كانت أصوات إطلاق النار المتبادلة بين رجال الأمن والمجرمين تخترق أسماعهم.
هل هي ثقافة هشة، أم فراغ ينوء بهم وينوءون به، أم سطحية لا تغادر أفق الفضول والبساطة الغارقة في نفسها؟
لن أتحدث عن جماهير أخرى للإرهاب، متخفية ولا أظنها تذهب إلى مواقع الدمار التي ينتجها هذا الفكر، كما يفعل المتطفلون، بل تكون في مكان آخر تمارس الدعاء للمخربين بالثبات كما يقولون، وهم للأسف يعزفون على أكثر من وتر وبأكثر من لغة حتى باتوا متاريس لمثل هذا الفكر. ورغم انهم افتراضاً يشاطروننا مسيرة الحياة، لكن الباطن يبدو جلياً وواضحاً مهما تبدلت طرق التعبير لديهم.
|