بالتأكيد لا يريد الشيعة العرب في العراق أن يصنفوا في خانة (العملاء)، ولا يريدون أن ينظر إليهم بأنهم من مؤيدي الاحتلال الأمريكي - البريطاني لبلادهم.
العراقيون من الشيعة العرب الذين رموا وراء ظهورهم ولسنين طويلة الأمراض المذهبية، وقدموا عراقيتهم وعروبتهم على ما سواها، وكانوا الحاجز البشري والعدد الذي وقف ضد المحاولات العديدة لجعل العراق تابعاً ومستعمراً، منذ أيام الحقبة العثمانية مروراً بمرحلة الاستعمار البريطاني، إذ يسجل لشيعة العراق من عرب الجنوب بأنهم أول من أشعل ثورة العشرين في وجه الاستعمار البريطاني. ويحتفظ التاريخ العراقي بالعديد من الأسماء المضيئة للزعماء العرب العراقيين من شيعة وسنّة على حدٍ سواء. وحتى سنين قريبة لم يكن العراقيون يفرقون ما بين زعمائهم وقادتهم التاريخيين ولا يسألون أو حتى يعرفوا إن كانوا من السنة أو الشيعة، فلم يعرَّف رشيد عالي الكيلاني ولا عبدالمحسن السعدون بأنهما من السنة، ولا يقال عن الحبوبي والشبيب وغيرهما بأنهم من الشيعة، فالجميع كانوا وطنيين عراقيين يناضلون من أجل استقلال العراق.
وإذ ارتبط أسماء بعض السياسيين العراقيين الذين كانوا في الخارج بقوات الاحتلال لأنهم عادوا إلى العراق مع هذه القوات، فإن مرحلة البناء في الداخل تتطلب الانفكاك عن المحتلين والعودة إلى حضن الوطن.
وهكذا .. فإن الإصرار على الاستقواء بقوات الاحتلال لضرب القوى الوطنية وبالذات أهل السنة في المحافظات والمدن السنية تحت غطاء مواجهة الأعمال الأرهابية، في حين يعرف العراقيون بأن هناك فارقاً كبيراً بين المقاومة العراقية الوطنية والجماعات الإرهابية. ومثلما يقود ويوجد العديد من أهل السنّة بين صفوف المقاومة العراقية مثلما يوجد مثلهم من أبناء الشيعة. فإن أهل السنة ليس ذنبهم أن وضع العراق وما آل إليه بسبب فوضى الاحتلال أن تنشط القوى الإرهابية التي تضم خليطاً من المتشددين والأرهابيين الذين يعملون لجهات أجنبية باتت معروفة لكل العراقيين. ولهذا لا يمكن تحميل السنة جرائم الإرهابيين التي يستنكرها أهل السنة قبل غيرهم.
وتحميل أهل السنة مسؤولية الأعمال الإرهابية التي يمكن تمييزها عن أعمال المقاومة يعد عملاً غير مسؤول ولا منطقياً. مثل تحميل أبناء الشيعة نتائج وأعمال المليشيات الشيعية المرتبطة بالقوى المتشددة في إيران والمدعومة من قبل قوات الاحتلال. وهذه المليشيات التي تختزن قواها في الوقت الحاضر لمهادنة قوات الاحتلال لهم، بل وحتى اشراكهم في عمليات إبادة أهل السنة كما حصل في الفلوجة، لا يبرر السكوت عن هذه الأفعال التي تتساوى مع أعمال الإرهابيين القادمين من الخارج والمحسوبة أفعالهم على أهل السنة.
هذا الفهم يفرض على قادة الشيعة من العراقيين العرب ألا يسمحوا بالمضي قُدماً إلى ما يخطط له بأن تفرز الانتخابات القادمة تقليصاً لدور أهل السنة إلى حد اقصاء الساسة والزعماء السنيين المؤثرين، وايصال ساسة الشيعة المرتبطين بالخارج وقوات الاحتلال إلى المجلس الوطني العراقي. ليتم وضع دستور دائم للعراق من قبل شخصيات مشبوهة, إما مرتبطة بقوى طائفية بغيضة, أو بقوات الاحتلال مع استبعاد القوى الوطنية العربية سواء من أهل السنة أو من الشيعة. وهذا ما سيعزز الفرز الطائفي ويسقط الشيعة برموزهم ومرجعياتهم في خانة العملاء.. ويرفع من معارضي ومقاطعي الانتخابات في خانة مقاومي الاحتلال.
|