وأخطر من الإرهاب تضارب الآراء في فهمه، وافتراء الكذب في البحث عنه في الكهوف والمغارات، وحصره في نحلة أو ملة أو عرق، والحق أنه أقرب إلى الفهم من حبل الوريد، لو أريد استئصال شأفته دون استغلاله لمكاسب ثانوية، واتخاذه قناعاً لمآرب أخرى. والتقنع أودى بحيوات كثيرة، فكان كما الأكلة التي منعت أكلات كثيرة. إنه في مواقع كثيرة مولود طبعي للتدخلات في أخص الخصوصيات العالمية، وردة فعل لاستخدام القوة دون مبرر، ورفض معلن للعنف الصهيوني وللوحشية في مواجهة المخالف. وذلك بسط لما قاله (شيراك) قبل زيارته ل(بريطانيا). ومن أراد للإرهاب أن ينزوي في أضيق نطاق، فعليه أن يكف عن الظلم وعن التدخلات، وعليه أن يمارس العدل والإنصاف والحياد الإيجابي. وإذا أكدنا على ما سبق فإن للغلو الديني، والتعصب الطائفي، والتأويل الباطل لنصوص التشريع، وفوضى الإفتاء، والخروج على الشرعية أثرها في تنامي الإرهاب واستفحاله. غير أن التطرف الفكري لا يواجه بذات العنف، لأنه ناتج تربية خاطئة أو مؤامرة دنيئة، حشدت المشاعر، وعبأت الرأي العام، حتى إذا آذن بالانفجار لاذ المخادعون بالفرار، يحملون الغنائم، وتركوا الحابل يختلط بالنابل. وللخلوص من ويلات الإرهاب لابد من معالجة الاحتقانات، والتعبئة الذهنية بذات الطريقة التي كونته وحفزّته. لقد تهربت الدول الكبرى من مسؤولية الإرهاب بإضافته إلى الإسلام وإلى مناهج الدراسة عند بعض الدول الإسلامية، وإلى بعض الطوائف الإسلامية، وإلى طائفة من المصلحين الذين كان لهم كل الفضل في نفي ما علق بالدين من تأويل المبطلين وانتحال الغالين وغلط الجاهلين، وشايعها في هذا التهرب الجهلة والمغفلون والمجندون. وتحت تأثير المغالطات أوقفت الجهود الإسلامية المعتدلة، وأغلقت المراكز الدعوية، وقلصت الجمعيات الخيرية المدعومة من دولة عرفت بالوسطية والدفع بالتي هي أحسن، والدعوى إلى سبيل ربها بالحكمة والموعظة الحسنة. والدول التي واجهت الإرهاب بالأساطيل، شككت العالم بالمسلمين على كافة الطوائف، وحملته على التحفظ على كل عمل إسلامي أياً كان. وما الإرهاب في حقيقة الأمر إلا مولود مبتسر لغطرسة القوة، والتنكر للشرعية الدولية. والذين يمارسون العدوان السافر، ويجتهدون في منح عدوانهم شرعية دولية يغذّون الإرهاب والعنف، ويساعدون على استفحالهما.
والمزعج أن الدول التي تمارس القوة في فرض إرادتها، لا تفتأ تحرض على احترام الشرعية، وتدعي حمايتها لقوانين هيئة الأمم، والمكتوون بنار اللعب الكونية والقمع المتعسف يصرخون في أودية سحيقة، لا تؤوّب معهم إلا الجبال، مؤكدين على أن الكبار هم أول من اخترق الشرعية، وعطل القانون، وحرض على الكرة والعنف. وكيف تسوّغ أمريكا لنفسها التدخل العسكري في (العراق) وهي حين اسقطت حكومته الظالمة، أعلنت أنها (محتلة) والاحتلال مفهوم له مقتضاه البغيض. وحين انتشر جنودها في أرجاء (العراق) هبت المقاومة، واندس بينهم أصحاب الثارات، وانتفضت كل التنظيمات السرية العنيفة، تنسل من كل حدب. فأمريكا وإن كانت تملك بصيصاً من الدافع الإنساني لتخليص الشعب العراقي من حكومته الظالمة، إلا أنها لم تحسن الدخول، ولم تضبط الممارسة، ولم تدع مجالاً للتفاؤل والثقة. وتصريح قادتها والتهديد والوعيد لدول الجوار يبعث على الخوف من العواقب الوخيمة. لقد فرضت على الشعب العراقي فتنة تتفاقم ساعة بعد أخرى، فتنة عمياء، وقودها الأنفس والأموال والحرث، وهل أحد يرضيه ما يحصل للشعب العراقي؟ وهل يود عاقل أن تؤول بلاده إلى ما آلت إليه الأوضاع في العراق؟ ومغامرة أمريكا أضرت بها، وأضرت بالمنطقة، وأسقطت الشرعية الدولية. ولو أنها حين أسقطت الحكومة الظالمة، سلمت البلاد لهيئة الأمم ولجامعة الدول العربية، لترتيب الأوضاع وفق مصلحة الشعب، وظلت ترقب الأوضاع من بعيد، لكان في ذلك حسم للفتنة، واستساغة وقتية محدودة للتدخل. ولكن حيثيات التدخل الواهية، وما نشأ عنه من تدمير بشع أسقطت معقوليته، وعمقت الشعور بالرفض وعلى افتراض وجود أسلحة دمار شامل، أو ضلوع في دعم الإرهاب، فإن رد الفعل أخطر من الفعل. وفوق ذلك كله فإن تدخل أمريكا لا يعد من باب الدفاع عن النفس، وكيف يكون ذلك، وهي الأقوى والأبعد، و(إسرائيل) ليست مهددة في ظل القوة الأمريكية والضعف العربي، والخوف كل الخوف من مؤامرة تصيب الدول كافة، وتزيد في اشتعال الفتنة واتساعها، حتى إذا استحكمت، وظنت أمريكا أنها غير قادرة على الحسم، ولت هاربة، تاركة الأشقاء يقتتلون، كما فعلت في (الصومال) وفي (لبنان) ومن قبل ذلك في (فيتنام)، وكل حرب ظالمة تترك آثاراً سيئة يصعب حسمها.
لقد تعرض أبناء الشعب العراقي على يد أبنائه من عصابة القبيلة وفلول الحزب للقتل والسجن والتعذيب والتشريد، ولقيت أطيافه تهميشاً ومضايقة ومطاردة، وفقد الشعب العراقي زهرة شبابه بين قتيل وسجين ومعوق ومهاجر، وحرم إنسان العراق بكل ما ينطوي عليه من شجاعة وحضارة من أبسط حقوقه على يد الطغمة الحاكمة، وتعرض جيران العراق للإيذاء، وتمنوا سقوط النظام الذي جر المنطقة كلها إلى حافة الهاوية، وفي ظل هذه الأزمات وجدت أمريكا مبرراً لتدخلها، من حيث هو إماطة للأذى، وإزاحة للكلكل المنيخ على صدور الشعب العراقي، غير أنها لم تضع ذلك في اعتبارها، ولو وضعته، لكان أن تدخلت قبل هذا الوقت، ولكان أن تدخلت في شأن دول أخرى، تعرضت شعوبها لويلات مماثلة. وما تعرضت له (العراق) أثناء الغزو، وما يتعرض له الآن أسوأ مما ناله من قبل، وما يرقبه من مصائر مظلمة تنذر بالخطر، وما ترقبه دول الجوار من انفلات في الأمن واستشراء في الإرهاب أنكى وأمر. فالعراق معرض لحروب أهلية طاحنة، ولتقسيم طائفي وعرقي خطير. وهو قد تحول إلى ساحة لكل متوحش يفسد في الأرض، ويسفك الدماء. وفي ظل هذه الفوضى فإن لكل دولة مصلحة وثارات، وأجواء (العراق) مناسبة لتصفية الثارات، وتحقيق المصالح. فكل من في ذمة أمريكا له مظلمة، يجد الوقت مناسباً لرد الصاع صاعين. وهذا هو حال العراق اليوم، قتل عشوائي، وتفجير عنيف، وذبح متوحش، وتسلل أجنبي، وتسريب للأسلحة، وتداخل بين الإرهاب والمقاومة. وإذا كان الشعب العراقي يهرول نحو الهاوية، فإن المنطقة بأسرها مشروع فوضى مستحكمة. وأمريكا هي الخاسر الأول، لأنها تحرج الأصدقاء المعتدلين وتخيفهم، وتفقد الأفضلية من الدول الغنية بثرواتها الطبيعية التي تعطيها الأولوية في الاتفاقات والصفقات، وتمنحها كثيراً من التسهيلات والامتيازات. وقد يؤدي عنفها واندفاعها وحساباتها الخاطئة إلى توريط المنطقة، وتدمير مصادر الثروة وشغلها عن التنمية والإنتاج، مما يعود أثره السلبي على الجميع، ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله.
وكل عمل لا يملك مشروعية، يتسع لعشرات الأعمال المماثلة. فأمريكا دخلت دون أن يكون لدخولها أي مبرر، وكان بإمكانها أن تصيخ لتحذير الناصحين، وأن تتخذ مساراً يُضيق الخناق على الأنظمة المتهمة، ولا يعرض الشعوب للفتنة، وهذا التدخل السافر قد يغري كل متردد على ممارسة الكسب غير المشروع، لقد أصبح هذا التدخل بادرة سيئة، ستعقبها بوادر أخرى، ليست بأقل خطراً منها، لقد جاءت (حرب الخليج) الأولى مغامرة طائشة أنتجت احتلال الكويت، ثم تتابعت الفتن، وتزامن مع ذلك قلب الحقائق وافتراء الكذب.
وقلب الحقائق والإذعان لما يسوّق إعلامياً من كلام مخالف للحقيقة يعني استمرار الظلم والقبول بالمغالطات. وإذا لم يتدارك عقلاء العالم الأمر فإن المنطقة ستكون مسرحاً لأحداث دامية، يمتد أثرها زماناً ومكاناً. وليس أمام أمريكا إلا أن تنقل القضية إلى هيئة الأمم، وأن تصدق في استفتاء الرأي العالمي، وأن تحتمل ما يقرره من خلال منظماته، لا أن تفتح ملفات ضد الأمين العام لطرده من المنظمة لمجرد أنه قال بعض الحق. فالواقع المؤلم للعراق وللمنطقة بأسرها لا يمكن أن تضطلع أمريكا وحدها بحله، وليس باستطاعتها ترتيب الأوراق دون مشاركة عالمية، تعيد للعراق وضعه الطبيعي، وتخلّص نفسها من هذا المستنقع، وبخاصة أن سمعتها لم تكن على ما يرام، والذين يسايرونها في مغامراتها، إما ماكرون أو مكروهون، وإذا كانت الأمة العربية عاجزة عن رد الظلم، وهي عاجزة ولا شك، فإن على نخبها وإعلامييها ألا يزيدوا الارتكاس بالاختلاف غير المحتمل، والنهوض بمهمة التبرير، وترويج المغالطات، والانحاء باللائمة على الشعب المقهور. إن على النخب المنهكة أن تقول خيراً أو لتصمت. وليست معذورة حين يكون هناك تباين بين الفعل والقول الأمريكي. لقد ادعت أمريكا الرغبة في التوازن، وباستطاعتها تحقيق ذلك دون تدخل يقلب الموازين. ثم إن استعمال القوة للقضاء على سلاح الدمار الشامل يجب أن يبدأ من (إسرائيل) التي تمتلك أفتك الأسلحة، واستعمال القوة لأهداف إنسانية يجب أن يبدأ من (إسرائيل) التي تمارس أبشع صور الاعتداء والقتل غيلة والهدم غطرسة، والخطف والسجن والتشريد والتسميم مهنة.
إن ممارسة أمريكا عرّضت سلامة الأراضي العربية للخطر، وعّرضت الاستقلال السياسي للإلغاء، ولم تحقق أمناً ولا وحدة، ولم تملأ الفراغ الدستوري الذي أحدثته. وإذا لم يكن التدخل العسكري لحماية رعايا الدولة المتدخّلة أو لحماية الأقليات العرقية أو الدينية حين تسلب حقوقها - مع أن ذلك لا يسوغ إلا بتخويل من هيئة الأمم ومؤسساتها، وتحت إشرافها وقيادتها -، فإنه يعد اعتداء سافراً لابد من التصدي له، ولو بالضغط السياسي، والاستنجاد بالدول المحايدة ك(فرنسا) مثلاً لممارسة الضغوط، وإنقاذ الأمة العربية من انهيارات سياسية واقتصادية وأمنية، فالغزو العسكري مرفوض على كل لسان وبكل نحلة، ومواجهته مشروعة بمختلف الإمكانيات الممكنة، وإن لم تكن استطاعة فلا أقل من قول الحق أو الصمت وذلك أضعف الإيمان. وإذ يكون في (العراق) ملل ونحل وأعراق تمثل أقليات مضطهدة ك(الأقلية الكردية) فإن إشكاليتها ليست قصراً على (العراق)، ف(الأكراد) موزعون بين خمس دول، وقضيتهم أصبحت مجالاً لللاعبين الكبار، والأكراد أصبحوا يتخبطون في قضيتهم. أما (الشيعة) فليسوا أقلية، وإن مسهم الضر، ولما تكن لهم قضية في أروقة الأمم، وحتى لو كانت لهم قضية فإن معالجتها سلمياً أفضل، وأوضاع العراق داخلية، وليس من حق أحد أن يرمي بثقله. فالشأن العراقي، يجب أن يتداوله أبناؤه، وما على المتعاطفين إلا النصحية، والحيلولة دون الحروب الأهلية.
لقد مر العالم بتدخلات خاطفة، لإضعاف الخصم، وخضد شوكته، وانتهت بالانسحاب الفوري، ونقل القضايا المستعصية على الحل إلى أروقة الأمم، ولكن ما نعايشه في قضية (أفغانستان) و(العراق) يعد احتلالاً طويل الأمد، فلا هو من باب التأديب، ولا هو من باب الاحتواء، ولا هو من باب حماية المصالح، ولا هو من بال مواجهة الإرهاب، إنه عمل خطير ومخيف. وإذا كانت أمريكا تتذرع بشيء من ذلك فإن العالم بأسره مع التصدي والصمود في وجه الإرهاب، فالأمة المنصفة الحضارية ترفض القتل، وترفض التدخل، وترفض اختلال الأمن، وتحترم سيادة القانون. ولكن من ذا الذي يملك تحديد الإرهاب ومواطنه، وأسلوب مواجهته. إن هناك إرهاب دولة، وإرهاب منظمات، وإرهاب طوائف، وإرهاب أفراد. وهناك مقاومة وحتى هذه اللحظة لم يشأ العالم أن يصل إلى تحديد مفهوم جامع مانع لما يمكن أن يسمى بالإرهاب فالمسائل نسبية، ولكن الحق أبلج، وما من أمة إلا وتعرف المحق من المبطل، ولو صدق الناس، وأنصف الأقوياء، لاستراح العالم، واستقرت الأوضاع. وهل أحد لا يعرف الإرهاب؟ الإرهاب الحقيقي هو ممارسة القتل والتفجير على أرض دولة شرعية متصالحة مع شعبها، ومسالمة مع جيرانها، محترمة للعهود والمواثيق، وليست لها أطماع، وليست لديها تدخلات في شؤون الغير. ولنضرب مثلاً على ذلك ب(المملكة العربية السعودية) التي واجهت إرهاباً عنيفاً متعدد المواقع والأساليب والأهداف. فالمملكة ليست معتدية، وليست دولة تسلطية، ولا تمارس تصدير الإرهاب، ومع ذلك تعرضت لأبشع العمليات الإرهابية، واتهمت بصناعته، وحيل بينها وبين الدعوة والدعم السلمي، وحتى حين كانت تستعدي دول العالم على الإرهاب، كان البعض يسميه معارضة مشروعة، وحين كشر عن نابه خف الجميع للمواجهة.
لقد مارست إسرائيل أبشع صور الإرهاب، بحجة الدفاع عن النفس، وتأمين الحدود، ومنذ عام 1967م وهي تحتل أراضي الغير على الرغم من قرارات الأمم المتحدة. وهي قد ضربت المفاعل النووي (العراقي) على الرغم من أنها تمتلك سلاحاً نووياً، وهي الآن تتحين الفرصة لضرب المنشآت النووية السلمية في (إيران)، وتمارس ضغوطها على الهيئات والمؤسسات لمنع إيران من أبسط حقوقها، ولم تجد أي رادع أو مسائل، إن هذا الاعتداء السافر والتأييد الظالم مؤذن باستفحال الإرهاب، والأمم الآمنة المطمئنة لا تريد العنف، ولا الرد الأعنف، وما يمارس على الأراضي العربية هو عين العنف والرد الأعنف.
واجتياح العراق، وإن لم يكن الأول بالنسبة لأمريكا، إلا أنه الأعنف، يعد من الأسباب الرئيسة لتنامي الإرهاب وتنوعه واستفحاله، وهو ما لا يريده العقلاء في كل أنحاء العالم. إن هناك إرهاباً وهناك أجواء ملائمة للإرهاب، فالاحتلال، والانحياز للمعتدي، وسكوت القادرين على الكلام من الأسباب القوية لوجود الإرهاب. لقد كان لأمريكا تدخلات عسكرية خاطفة، لم تكن بحجم التدخل في العراق، ولهذا لم تصعد العنف في الأوساط العالمية، ولعلنا نذكر ضرب (ليبيا) و(نيكارغوا) والتدخل في (الصومال) و(لبنان) ومناطق أخرى، ولأنها لم تكن احتلالاً عسكرياً، فقد مرت دون أن تكرس الاستياء أو أن تستدعي المواجهة، وقد يكون الضرب الخاطف من باب الاختلاف الحاد حول وجهات النظر والمصالح. وقد يكون ذلك بدافع قمع بعض الدول عن ممارسة الإرهاب الدولي أو دعمه.
المهم أن هناك اعتداءات تنفرد فيها أمريكا، متخذة لذلك أي مبرر، لكن ضرباتها الخاطفة، لم تكن بحجم اجتياح (العراق) و(أفغانستان) ولا بحجم اجتياحات إسرائيل للأراضي الفلسطينية. و(ليبيا) موّلت عمليات إرهابية، واغتالت شخصيات سياسية ودينية، واعترفت ببعض مقترفاتها، وتحملت تعويضات مادية باهظة، وقد اتهمت بعمليات كثيرة من أهمها (لوكربي) و(ملهى برلين)، وهي أخيراً بعد تعهداتها تورطت بالتخطيط لاغتيالات خطيرة، لعل من أسوئها التخطيط لاغتيال زعيم عربي، أنقذ ليبيا حين ادلهمت عليها الأمور، وهي من قبل قد اتهمت (حركة الإصلاح الديني) في نجد بالإرهاب، وكأني بها تنتقل من (اتهام المصلح) إلى (اغتيال الأصلح)، وكنا نود منها ومن (العراق) في عهده البائد ومن أي دولة ثورية تلعب بالنار تحامي الاستفزاز، والتخلي عن العنتريات، وخطابات التهديد والوعيد، وتصدير الثورات والنظريات، فبعض الزعامات المتهورة تثير الغضب، وتستفز الدول الكبرى، وتوجد أمامها مبرراً لممارسة الضغط والحصار والمقاطعة وكسر العظم وإحراق الأرض وقتل الأنفس. وقد تحمل على المواجهة العسكرية، أو تدبير لعب موجعة، تجر المنطقة إلى مستنقع الفتن. ومثل هذه الممارسات محرض للضربات التأديبية. إن المنطقة العربية مقبلة على أوضاع عصيبة، وليس أمام زعمائها إلا الالتقاء على كلمة سواء.
|