خلوت إلى نفسي ذات مرة في الصباح الباكر.. وكانت نفسي هادئة مطمئنة، أنت تكذب أحياناً، وأنت تدعي أحيانا، وأنت تبالغ أحياناً . . فازدادت نفسي راحة وطمأنينة لهذا النداء الداخلي . . واستمرأت الاستمرار في هذه الحال. لِمَ لا تظهر نفسك على حقيقتها؟ عندما قابلت فلاناً بالأمس لأول مرة . . حبذا لو كنت أطلقت نفسك على سجيتها، وتحدثت بصدق وأمانة. لقد غششت الرجل . . انه سيبني علاقته معك على ما قلت له، وهو لا يلبث أن يكتشف أنك كنت تخدعه . . وجدت في نفسي القوة، بأن أحاول تصحيح موقفي مع الرجل . . ثم ماذا ؟ . . ثق أنه سيمنحك ثقته بلا تردد. استيقظ ضميري أكثر وأكثر، وكبرت ثقتي في نفسي، وأبديت استعداداً لزيارة الرجل، والتحدث معه بصراحة . . وتمثلت نفسي . . وأنا أقول له: يؤسفني يا عزيزي أن أذكر لك . . أنني خدعتك بالأمسّ نعم . . لقد خدعتك بالأمس، فالصحيح، أنما ذكرته لك بالأمس هو كذب وادعاء . . هذا هو واقعي . . استميحك العفو، لقد ضعفت . . فاغفر لي. ثم أفقت على مواء قطتي الجميلة، وهي تتمسح على رجلي، بصدق وإخلاص، فقلت . . ألا ما أسعدك . . فأنت لا تنافقين أبداً ولا تخادعين أبداً. وعقدت النية أن لا أخدع أحداً مطلقاً . . ترى من أين أتت هذه القوة الروحية ؟ ليتها تلازمني دائماً . . أجاب ضميري، ثق أنني ما غفلت أبداً عنك، ولكنني كنت أتحين مثل هذه الفرصة، أخلُ إلي واذن لي بمحاسبتك، فأنا لك خادم وأمين وأهلاً وسهلاً بهذا التعاون . . فاشرب قهوتك . . واطمئن . . فمحاسبتي لك ستكون في منتهى الهدوء . . أخشى أن تقسو عليَّ، وتقلق راحتي!
لاء لاء أبداً . . هذا يتوقف عليك . . فلا تخف، لا عليك . . وتعاهدنا . . ما أسعدني اليوم، حقت بهدوء . . بدون جروح . . وأفطرت بشهية، قبلت كل أبنائي، أحسست أن الدنيا كلها أصبحت ملك يميني . . ما أحلى الصدق مع النفس.
طاهر مختار |