Monday 27th December,200411778العددالأثنين 15 ,ذو القعدة 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الريـاضيـة"

الشأن الرياضي .. وأسباب السقوط والفشل!! الشأن الرياضي .. وأسباب السقوط والفشل!!
سلمان بن محمد العُمري*

اجتماع الكلمة ووحدة الصف وتقوية اللحمة الاجتماعية وإشاعة روح المودة والتعاون بين أفراد المجتمع من الأصول العظيمة في ديننا الحنيف ، ومن المطالب العالية التي تحقق العيش الكريم والحياة المستقرة ، ولا يمكن أن تتحقق بمجرد الدعاوى وإن كانت عريضة أو الشعارات وإن كانت براقة ، ولكن بالجد والمثابرة وتغليب المصلحة العامة الخاصة والإنصاف من النفس قبل الآخرين.
والرياضة جانب مهم من جوانب التفاعل الاجتماعي ، وقد كانت إلى عهد قريب نافذة إلى التنافس الإيجابي ، وكان التعاطي الإعلامي والاجتماعي مع الشأن الرياضي يمارس حالة من التنافس والتحاور والمجادلة في حدود المقبول ، غير أن الوضع الراهن لا يسُر وينذر بخطر مما يؤكد أهمية تلمس أسبابها والعمل على تلافيها وعلاجها.
ففي الشأن الإعلامي انحدر الإعلام الرياضي في بعض الكتابات إلى هوة سحيقة من الإسفاف ، التي من شأنها تفريق المجتمع وخلخلة بنائه ، فغدا بعض الكتاب وإن كانوا قلة يتسابقون ليكون أي منهم أكثر انتصاراً لأهوائهم ورغباتهم ؛ طمعاً في تحقيق انتصار لأنفسهم ولو بالباطل ونيل مكاسب وقتية لأنديتهم المفضلة ، دون اعتبار للمصلحة الكبرى للوطن ودون رعاية لحقوق الآخرين أندية أو لاعبين أو حكاماً أو مسؤولين ، فشحنت النفوس بالبغض والضغينة واتهمت النوايا ؛ مما أخرج الرياضة عن أسمى مقاصدها وأجمل أهدافها ، كما لو أنها وسيلة للهدم بدل البناء ، للفرقة بدل الاجتماع ، للاختلاف بدل الائتلاف ، للعداوة بدل الأخوة ، وبدلاً من صحوة الضمير لدى هؤلاء الكتاب واستيقاظ الحس الوطني والشعور بالمسؤولية ، ازدادت حدة السقوط بنزول بعض مسؤولي الأندية ومنسوبيها إلى هذا المستنقع الآسن ، ووجدوا من بعض الصحف والقنوات الإعلامية ما يشجعهم على ذلك ؛ لتحقيق مكاسب لأنفسهم وأنديتهم بنفس اللغة والأسلوب ، بدلاً من أن تكون الكتابة أحد عوامل الارتقاء بفكر اللاعبين ومنسوبي الأندية والنهوض بقدراتهم الذاتية.
وفي شأن التشجيع : فتح المجال للجماهير لتشارك في هذا ، سواء بكتاباتها أو اتصالاتها المخجلة فغابت القدوة ونام الوازع الذاتي.
وفي شأن اللاعبين : انحدر سلوك بعض اللاعبين فظهرت عليهم ممارسات وسلوكيات غريبة مثل : حركات وقصات شعر ولبس خيوط وتدخين وسهر وأزمات نفسية وشللية وأنانية ، على حساب الرياضة بسموها وأهدافها وجمالها وأدائها ، فهبطت المستويات وضعفت المعنويات وتردت النتائج وكان المنتخب هو الضحية ، فما أسرع ما يلهثون وما أهون ما يصابون وما أسرع ما يغضبون وتنفلت أعصابهم ، فيتصرفون بحماقة وتهور يتعرضون بسببها للطرد !!.
وإن تردي النتائج إنما هو ثمرة من ثمار انعدام الوعي العام ، وضعف الشعور بالمسؤولية الوطنية ، ومن ثم تراخي العزيمة والجد والهمة العالية.
وفي شأن التحكيم : ضعفت هيبة الحكام - وهم أحد أهم مقومات النهوض بالرياضة ، بإفساح المجال للكتابات غير المسؤولة - وهي كثيرة - ، لتنال من الحكم وتشكك في نزاهته وأمانته باسم الحرية واحترام الرأي الآخر - غير المحترم - دون رادع يردعهم أو نظام يزجرهم فضاعت الانضباطية وغاب تطبيق التعليمات.
مقومات الحل : يجب أن نصدق مع أنفسنا ونواجه المشكلة بشجاعة وحكمة وليس عيباً أن نخطئ ، لكن العيب أن نسرف في تلمس الأعذار ومخارج الهروب من تحمل المسؤولية فلابد من:
أولاً : إعادة النظر في هامش الحرية المعطى للصحافة الرياضية ووضع ضوابط صارمة للنشر.
ثانياً : إعادة النظر في طرائق اختيار رؤساء الملاحق الرياضية وممارسة الحزم في الشأن الرياضي بعمومه والإعلام الرياضي بخصوصه.
ثالثاً : إدخال الجانب التربوي والنفسي في التدريب في الأندية ، وتطوير قدرات اللاعبين النفسية والفكرية وتنمية الوعي العام ، واستشعار المسؤولية الدينية والوطنية والأخلاقية والارتقاء باهتماماتهم وعقليتهم.
رابعاً : إعادة النظر في واقع الأندية وأنظمتها بما يجعلها محاضن تربوية بدنية وفكرية ونفسية.
خامساً : توسيع صلاحيات لجنة الانضباط وتفعيل دورها ووضع آليات محكمة لعملها ، وضوابط وخطوات إجرائية تنبع منها مباشرة دون وصاية من أحد أو انتظار لقضية تحال إليها ، بما يعينها على ممارسة الضبط والعدل بما يحقق القناعة بها.
سادساً : إعادة الثقة للحكام وتطوير قدراتهم الشخصية والنفسية والإدراكية ، والذَّبُ عن أعراضهم والنهوض بمستوياتهم ، والإسراع بزيادة مكافآتهم إذ هم أحق بها من الأجنبي الذي اعتبر الاستعانة به مسكناً مؤقتاً وليس علاجاً جذرياً.
سابعاً : الضرب بيد من حديد لكل من يسيء للشأن الرياضي لاعباً أو مسؤولاً أو صحفياً أو حكماً ، ليعود لرياضتنا جمالها المسلوب وقوتها المفقودة.
ثامناً : إلغاء الاستعانة باللاعب الأجنبي الذي يعد أحد أهم عوامل ضعف اللاعب السعودي ، فليس من المعقول أن تصرف على أنصاف اللاعبين منهم الملايين ، بينما يظل اللاعبون أبناء الوطن بلا رواتب لما يقرب السنتين أو تزيد ، مما دفع بعضهم الى أن يستدين أو يتكفف الناس للصدقة عليه.
تاسعاً : قصر التدريب في أندية الدرجة الأولى والثانية وما تحتها على المدربين الوطنيين فهم أحق بأموالنا.
مما يؤكد أهمية إجراء مراجعة شاملة لجميع الأنظمة واللوائح وآليات التنفيذ ، وإلا فإننا في انتظار مزيد من السقوط قد يصعب علاجه ، ولابد أن نصبر على مرارة العلاج ونبتعد عن المجاملة حتى ولو أدى إلى غربلة المسؤولين في الاتحادات واللجان والإدارات ، وضخ دماء جديدة ذات حماس ووعي وقدرة على التجديد ، بدلاً ممن أكل عليهم الزمن وشرب واستنفدوا ما لديهم من أفكار ، وآن لهم أن يتقاعدوا مشكورين ويفسحوا المجال لغيرهم ، وهذه حقيقة مسؤولية سمو الرئيس العام لرعاية الشباب ، ولجنة دراسة وتطوير الوضع الرياضي والشبابي في المملكة ، ووزارة الثقافة والإعلام بالعمل بشكل عاجل وحازم لإعادة المياه إلى مجاريها ، وإيقاف عبث العابثين من كل الأطراف دون انتقائية .. وأظنه قد آن أوان الحزم والمعاقبة ومضى زمن العفو والمسامحة ، يجب أن نتعود أن نقول للمحسن أحسنت وللمسيء أسأت ، بلا خجل أو وجل ، وأمامنا مناسبات رياضية ووطنية مهمة لا تحتمل مزيداً من السقوط ، ويجب أن يتحمل الجميع مسؤولياتهم مسؤولين وإداريين وأعضاء شرف وصحفيين ولاعبين وحكاماً ، فالجميع شركاء في الفشل والسقوط كما أنهم شركاء في النجاح والفوز .. دعواتنا لوطننا بالعز والسؤدد في جميع المحافل وللجميع بالتوفيق لكل خير.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved