(بإمكانك أن تجمل الحقيقة، لكنك لا تستطيع أن تغيرها)، هذه العبارة تنطبق على جوهر الإنسان ومظهره أيضاً، فاهتمام المرأة بمظهرها إن لم يتجاوز إطاره الشرعي أمر محمود، لكن ما نراه الآن من عمليات تؤدي إلى تغيير لملامح الوجه الأساسية هو أمر يدعو إلى الدهشة فعلاً، فإضافة إلى أن ذلك محرم شرعاً، فهو يدعونا لتأمل تلك الشخصيات التي تعمد إلى تغيير شكلها الخارجي ظناً منها أن ذلك سيحولها إلى كائنات مختلفة، عوضاً عن البحث داخل ذواتها وإجراء تعديلات على رؤيتها للحياة وسلوكياتها مع الآخرين.
والمؤسف المضحك في آنٍ معاً أن من تقوم بعمليات مؤلمة ومكلفة تظن أن حياتها تغيرت بعدها، ولا تدرك أن التغير قد حدث بسبب تغير نظرتها هي للحياة، مع أن ذلك لا يتطلب إجراء عمليات تظهر للآخرين عدم حبها لذاتها أو احترامها لها، وستعرف حينئذ أنها إن لم تحب ذاتها، وتسعى إلى تحسينها بالعلم والقيم النبيلة، والأهداف السامية فإنها لن تكون جديرة بحب الآخرين مهما غيرت وعدلت في القشور الخارجية، ورغم الرقي الأخلاقي الذي منحنا إياه ديننا الحنيف إلا أننا لم نقف وقفة حازمة مع هذا الأمر، كما فعل الهنود حين طالبت شركات الأدوية بتصريح لكريمات تبييض البشرة، حيث سارع الهنود إلى معارضة ذلك لافتخارهم بسمرتهم، فهي جزء من شخصياتهم يعتزون بها.
وما رواج أسواق الكريمات المبيضة لدينا التي شاع حتى المقلد الذي يزيل البشرة بدل تبييضها إلا دلالة على الواقع المر الذي يعيشه الكثير من النساء في مجتمعنا. ألم تقرؤوا قول الشاعر:
فإن سمار المسك لا شيء مثله
وإن بياض اللفت حمل بدرهمِ |
|