إن هذه الأحداث الأخيرة (الاعتداء على القنصلية الأمريكية بجدة) يعتبر امتدادا لأعمال الفئة الضالة التخريبية التي تهدف إلى زعزعة الأمن في هذه البلاد المباركة، وهي تعكس إصرار الفئة الضالة على غيهم وضلالتهم، وعدم الاستجابة لأقوال أهل العلم في حرمة هذه الأعمال، وعدم شرعيتها، وقد وفق الله رجال الأمن البواسل في التصدي لهذا العمل المشين بكل حزم واقتدار، نال إعجاب المختصين والمسؤولين والمهتمين بمكافحة الإرهاب على مستوى المملكة العربية السعودية وخارجها.
ونجد أن الدوافع لهذه الأحداث الأخيرة هي نفس الدوافع للأعمال الشريرة السابقة من تفجيرات واعتداءات على رجال الأمن والأجانب من المستأمنين المعصومي الدم شبهات وضلالات طال الحديث عنها عبر وسائل الإعلام المختلفة، وفندت عبر البيانات الصادرة من هيئة كبار العلماء، ومن المهتمين من طلبة العلم بما لا يدع مجالا للعذر بالجهل بحكم هذه الأعمال الباطلة وبشكل يدحض الشبهات التي يستندون إليها في تبرير ارتكاب هذه الجرائم المشينة.
ونجد أن أصحاب هذه الأفكار الهدامة يعتمدون على انتقاء أشخاص تنطلي عليهم حججهم المضللة، وهؤلاء الأشخاص في الغالب على نوعين أساسيين:
1 - إما من صغار السن الذين يفتقدون الخبرة بحيل هؤلاء المحرضين يدفعهم الحماس المتقد والاندفاع غير المنضبط، وضعف المخزون المعرفي من العلوم الشرعية التي تمنع الإنسان من اراقة الدماء المعصومة وتصون حقوق الآخرين وتضبط علاقة المحكوم بالحاكم.
والنوع الثاني (2)، من تجاوزت أعمارهم سنين الصبا والطيش، ولكن تخالط عقولهم الشبهات والشهوات مما يعكس توجهاتهم الحاقدة على أمن البلد وحكومته فيستقطبهم المحرضون ويشحنونهم بشكل عدائي لتهيئتهم لإنفاذ مثل هذه الأعمال الشريرة بعد تعطيل عقولهم عن التفكير الصحيح نتيجة تكرارشحنهم باستمرار حتى وقت إنفاذ العمل الإجرامي.
ولابد من تكاتف الجهود لمعالجة هذا الفكر الهدام الدخيل على مجتمعنا المسلم المحافظ، والجهود قائمة على قدم وساق لمجابهة هذا الفكر الشرير ومعالجة من تلبس به عبر وسائل الإعلام المختلفة وعبر الجهود الخاصة من المهتمين وطلبة العلم المخلصين لهذه البلاد اخلاصا لله عز وجل وامتثالا لأمره سبحانه وأمر رسوله- صلى الله عليه وسلم- بالنصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولائمة المسلمين وعامتهم، كما صح بذلك الحديث.
ومن الجدير بالذكر الاشارة إلى حديث المصطفى- صلى الله عليه وسلم- (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته) وكذلك الإشارة إلى أن الله عظم من شأن الفتوى وحذر من القول على الله بغير علم واصفاً ذلك بأنه من عمل الشيطان) قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} (33) سورة الأعراف، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ، إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاء وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} (168 - 169) سورة البقرة.
قال الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله -: ومن أعظم الجرائم الفتوى بغير علم فكم ضل بها من ضل، وهلك بها من هلك، ولاسيما إذا كانت الفتوى معلقة على رؤوس الأشهاد، وممن قد يقتدي به بعض الناس فإن الخطر عظيم والعواقب وخيمة.
وعلى المفتي بغير علم مثل آثام من تبعه كما روي عن النبي- صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (من أفتى بفتية غير ثبت، فإنما إثمه على من أفتاه) وصح عن النبي- صلى الله عليه وسلم- انه قال: (من دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً). انتهى كلام الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله.
ويعمد المحرضون المفتون للفئة الضالة تسفيه آراء العلماء والتقليل من شأنهم تمهيداً لاحتواء هؤلاء الشباب وتجنيدهم لتحقيق أهدافهم الشريرة بفتاوى مضللة.
|