تنشر وزارة العمل بين وقت وآخر في الصحف المحلية إعلانا كبيرا يأخذ في ظهوره مقدار نصف صفحة في الصحيفة المنشور فيها الإعلان، وهو إعلان اشبه بالإنذار لأجهزة القطاع الخاص بضرورة السعي نحو التزام الجميع بقرار مجلس الوزراء رقم 50 وتاريخ 21-4-1425هـ القاضي بسعودة وظائف القطاع الخاص بنسب تصاعدية بمعدل 5% من كل عام، وتؤكد في إعلانها هذا إلى عدم اللجوء إلى آليات التحايل أو الالتفاف على سياسة سعودة الوظائف، وإنها سوف تتخذ الإجراءات النظامية الصادرة من الجهات العليا في هذا الصدد، إن هذا الإعلان لا نستطيع القول مطلقاً عنه إنه آت في وقته، ولا نستطيع الحكم بعدم منطقيته، فكما ذكرنا في أكثر من مقالة أن العشوائية التي عاشها سوق العمل السعودي في الحقبة الماضية أصبح أقل ما يقال عنها أن كل ما سوف يتخذ من إجراءات سوف يكون غريباً وصعب التحقيق، لعدة اعتبارات، إما أن الجميع لم يألف مثل هذا التوجه الحكومي، أو ربما أن البعض يعتقد بعدم جاهزية سوق العمل نحو البدء الفعلي والجاد لتوطين الوظائف، لكن مسألة الألفة هذه ربما أن الوزارة ليست ذات علاقة بمثل هذه الجدلية الاجتماعية إن صح القول، فالقرار 50 مضى عليه قرابة عشر سنوات، وكان من المفترض على أجهزة القطاع الخاص أو الغرف التجارية ومجلس الغرف أن يتبنوا الأفكار والمشاريع الدراسية نحو التمشي مع مثل هذه القرارات بتدرج يضمن عدم اعتبار ما يحدث شيئا تعسفيا من الوزارة، وبالمقابل كان لابد من الوزارة في ذلك الوقت أن توجد شراكة فعلية بإحداث سياسة تحولية مشتركة بينها وبين القطاع الخاص، ولا يعني انعقاد ندوات أو مؤتمرات سنوية يعتقد الأمر معها أنها الحل الأمثل، فكان على الجانبين عمل نهج مشترك مرضي وواقعي لإنجاح عملية التوظيف الوطني بشكل يضمن سلامة التطبيق، وعلى أية حال فإن المرحلة الحالية التي تعيشها البلاد تقنياً وتوافر أعداد كبيرة من الشباب والشابات المؤهلات والحاصلين منهم على دورات مساندة بعد تأهيلهم علمياً سواء بعد مرحلة الدراسة الثانوية أو الجامعية كفيل ذلك بمواجهة هذه المرحلة الوطنية الواجب التفاعل معها دون غضاضة ودون تردد، ولهذا فلابد لنا أن نكون شركاء النمو الوطني، وصولاً إلى تنمية وطنية منافسة يشع منها الخير، ويتفق على عطائها الجميع، فهلا بادرنا وابتعدنا عن المحسوبية وسوء الظن لبناء مجتمع هو خير من ينفع نفسه.
(*)الباحث في شؤون الموارد البشرية
|