من يدير الإعلام؟ هذا الاستفهام هو عنوان الفصل السادس من كتاب ديفيد ديوك: الصحوة، وقد بدأه بإيضاح دور الإعلام وكونه أصبح في الغرب أقوى من السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، كما أشار إلى أهمية صناعة السينما وأثرها الكبير، وأوضح أن مالكي وسائل الإعلام والمتنفذين في إدارتها من صحف ومجلات وقنوات تلفزيونية كبيرة مؤثرة، ودور نشر واسعة، وصناعة سينما، يكادون يكونون جميعاً يهوداً. ومع أن كثيراً من المتابعين والمطلعين على سير الأمور يعرفون ذلك فإن الإضافة الجديدة التي يضيفها المؤلف توثيق هذا الأمر وتبيان الأسماء.
أما الفصل السابع فعنوانه: (النفوذ اليهودي في السياسة الأمريكية). وقد بدأه المؤلف بمقطع من مقالة لصحيفة معاريف الصهيونية عام 1994م يقول:
(لم يعد في الولايات المتحدة حكومة من غير اليهود، بل إدارة يكون اليهود فيها شركاء كاملين في صناعة القرارات على جميع المستويات). ثم أعقبه بعبارة للسناتور فولبرايت قالها سنة 1973م وهي: إن إسرائيل تتحكم بمجلس شيوخ الولايات المتحدة. وبسبب انتقاده سياسة حكومته في الشرق الأوسط فقد مقعده في ذلك المجلس. وتلا ذلك الجنرال جورج براون رئيس هيئة الأركان المشتركة إذ قال سنة 1978م: إن اليهود يسيطرون على الحكومة الأمريكية ووسائل الإعلام والاقتصاد في أمريكا. وراح المؤلف يستعرض كبار المسؤولين اليهود في الإدارات الأمريكية المتعاقبة، جمهورية أو ديمقراطية. وأشار إلى مقالة نشرتها صحيفة الأسبوع اليهودية عام 1997م حول احتفال في مركز الجالية اليهودية بواشنطن، احتفاء بإعادة انتخاب كلينتون ومما ورد في تلك المقالة:
(لم يكن القادة اليهود في سنوات خلت يجرؤون على الاحتفال بالتورط السياسي لليهود، وكان هناك قلق حول تعزيز (اللاسامية) لدى الاعتراف بنجاح اليهود.
والآن يشعر اليهود بأمان كافٍ في ضرباتهم المتراكمة.. لقد خرجنا سياسياً من خلوتنا مرتاحين تماماً لإنجازاتنا بحيث نستطيع الاحتفال بها علناً).
وإضافة إلى احتلال اليهود مناصب مهمة جداً في إدارة كلينتون والبيت الأبيض والمجالس الاقتصادية ذكر المؤلف أن نفوذهم أصبح مهيمناً في الهيئات الدبلوماسية في الخارج.
فسفراء أمريكا في كندا والمكسيك وكوبا وفرنسا وألمانيا وبلجيكا والدانمارك والنرويج والسويد وبولونيا والمجر ورومانيا وروسيا البيضاء وسويسرا كلهم يهود... وكان بعضهم متفانياً في خدمته لليهود ربما أكثر من خدمته لأمريكا. وقبل إنهاء المؤلف هذا الفصل قال:
(لقد دفعت - كما دفع السناتور فولبرايت والسناتور بيرسي والنائب بول فندلي (مؤلف من يجرؤ على الكلام؟) ثمناً لصراحتنا، ذلك أنه من المعروف أن اللوبي الصهيوني سبَّب بقدراته التنظيمية والمالية فقدنا لمناصبنا).
وختم المؤلف الفصل بقوله:
(إن اليهود الذين يسعون لفرض سيطرتهم على الأمم الأخرى لا يدانون أبداً أما غير اليهود الذين يرغبون ببساطة أن يسيطروا على شعوبهم نفسها فإنهم يصنَّفون (لا ساميين) وكريهين. وهذه المرتبة من النفاق لا تزول إلا بتحطيم القلعة اليهودية المهيمنة على الإعلام).
وعنوان الفصل الثامن من كتاب ديوك: (جذور اللاسامية)، وقد بدأه بعبارة لهرتزل، مؤسس الصهيونية الحديثة، وهي: (اللاسامية رد فعل مفهوم على عيوب اليهود) وإذا كان شاهد من أهلها قد شهد بذلك فإن المؤلف في هذا الفصل الطويل أوضح تلك العيوب أتمَّ إيضاح.
ومما قام به تأصيل (اللاسامية) هي تعصب ديني ناشئ عن لومهم على صلب عيسى -كما يعتقد المسيحيون- أم حسد لنجاحهم اقتصادياً؟ وأورد قول المفكر كانْت فيهم، وهو: (إنهم أمة من المرابين يخدعون الشعب الذي يؤويهم). واستطرد في الحديث عن ممارستهم الربا عبر التاريخ، وكونه أكبر مصدر لقوتهم، كما تحدث عن سيطرتهم على المصارف والبورصات ابتداء بأسرة روتشيلد، وعن سلوكهم الإجرامي، الذي يتمثَّل جزء منه في تكوين منظمات متخصصة بالقتل مقابل أجر، وقال: (المتداول أن أخطر منظمة إجرامية في أمريكا، بل في العالم خلال السنوات الأخيرة من القرن العشرين هي المافيا الروسية. لكنها ليست روسية ولا مافيا، مثلها كمثل الثورة الروسية التي لم تكن ثورة ولا روسية، وباختصار إنها مافيا يهودية.
ومما تحدث عنه المؤلف في هذا الفصل مفصلاً وأجاد، دور اليهود في تجارة الرقيق الأسود والأبيض معتمدين على عقيدة دينية بأن غيرهم عبيد لهم، ومدفوعين بجشع مادي غير محدود. فقال عن الرقيق الأسود: (بدا لي سؤال: مَنْ جلب العبيد إلى أمريكا؟ فرجعت إلى سجلات لسفن الرق، وكتابات عدد من المؤرخين اليهود الذين وثقوا دورهم في عمليات الاسترقاق، وتبين لي أن اليهود قد هيمنوا على تجارة الرقيق. وقد ورد في كتاب، يهودية العالم الجديد 1492 - 1776م:
(لقد جاء اليهود مع سفن تحمل سوداً أفارقة لبيعهم عبيداً وكانوا يعيَّنون غالباً وكلاء للتاج البريطاني في مبيعاته.. وكانوا أكبر شمَّاعين للسفن في منطقة الكاريبي حيث كانت تجارة الشحن مشروعاً يهودياً أساساً، إذ لم تكن السفن مملوكة لليهود فحسب بل كانت تزود بتجارة يهود وتبحر بإمرة قادة يهود).
وقال المؤلف عن الرقيق الأبيض:
(كما كان اليهود يهيمنون على تجارة الرق الأسود كانوا يهيمنون على تجارة البغاء أي الرق الأبيض، وكانوا يذهبون إلى الفلاحين الفقراء ليخبروا والدي الشابات المسيحيات الوسيمات بأنهن سيجدن حياة أفضل في أمريكا المفتقرة إلى عمالة في البيوت، فيوافق بعضهم أملاً في تحقيق الخير لهن.
وبدلاً من أن يجدن حياة جديدة متألقة كان ينتهي بهن المطاف إلى المواخير في العالم الجديد).
ثم يوثِّق المؤلف أن تجارة اليهود بالرقيق الأبيض ما زالت حتى الآن ممارسة وبخاصة بالروسيات والسلافيات.
ويبدأ المؤلف الفصل التاسع - وعنوانه: (إسرائيل.. التفوقية اليهودية تطبيقياً) - بإيراد إحصائيات عن السكان في فلسطين قبل وقوعها تحت الانتداب البريطاني الذي سهل لليهود التدفق إليها، وعن أولئك السكان عند إنشاء دولة الصهاينة عام 1948م ويبين كيف أسست تلك الدولة على الإرهاب الذي كان من أمثلته مذبحة دير ياسين، وكيف استمر إرهابها إلى وقت تأليفه كتابه، ومن أمثلة ذلك مذبحة قانا اللبنانية. ثم يشير إلى ما ذكره الصهيوني موسى شاريت في يومياته من أن دولته خططت لنسف الاستقرار في لبنان منذ عام 1955م ومواصلة ذلك التخطيط حتى وقعت الحرب الأهلية عام 1978م وقال: بينما كانت قوات إسرائيل تخرب بيروت عام 1982م قامت المدمرة الأمريكية نيوجيرسي بإطلاق قذائفها على بعض المدن اللبنانية.
وكان من وجوه رد الفعل لتلك المشاركة في العدوان مقتل ثلاثمائة من جنود البحرية الأمريكية.
وبعد ذلك تحدث المؤلف عن ادعاءات الصهاينة بحقهم في امتلاك فلسطين، ففنّدها، سواء منها ما بُني على أساس ديني أو ما بُني على وعد بلفور.
ووضح - اعتماداً على ما قاله لويد جورج رئيس وزراء بريطانيا، وصاموئيل لاندمان، أمير سر المنظمة الصهيونية بين عامي 1917 و1922 - أن ذلك الوعد كان مقابل دفع اليهود أمريكا لدخول الحرب العالمية الأولى.
ومما ذكره المؤلف موثقاً تعاون النازيين مع الصهاينة في تهريب اليهود وتهريب أموالهم إلى فلسطين، والتدليل على عنصرية دولة إسرائيل وبعد ذلك تكلم عن خيانة هذه الدولة لأمريكا كما حدث في ضربها سفينة (الحرية) الأمريكية عام 1967م وكان قد فصّل الحديث عن هذه المسألة في مقالة طويلة عنوانها: (الإرهاب الصهيوني ضد العرب وأمريكا)، ونشر كاتب هذه السطور قراءة لها ضُمّنت كتابة خواطر حول القضية.
أما عنوان الفصل العاشر من كاب ديوك فهو (تحقيق بشأن الهولوكوست). وفي بداية هذا الفصل أشار إلى أن اليهود استطاعوا أن يجعلوا مشاهد الهولوكوست المرعبة مقررة في المدارس الأمريكية بما في ذلك مدارس الأطفال. لكن الضحايا من غير اليهود الذين كانوا أضعاف ضحايا اليهود لا تذكرهم وسائل الإعلام؟ ناهيك عن أن يكون عرضها مقرراً في المدارس.
وبين بالوثائق زيف كثير مما قيل عن الهولوكوست، كما بين عدم عدالة محاكمات نورمبرج المشهورة اعتماداً على استشهادات الرئيس كينيدي بثقات أمريكيين قال أحدهم: إنها كانت وصمة عار في التاريخ الدستوري الأمريكي. وقال آخر: إن عدالة المنتصر ليست عدالة أبداً.
وقد اعترف غولدمان في كتابه (المفارقة اليهودية) أن فكرة المحاكمات والتعريفات الألمانية لم تأت من الحلفاء بل ابتكرها الصهاينة، وبين المؤلف كيف عُذب المتهمون كما بين زيف ما ادُّعي من عمل النازيين صابوناً من شحوم اليهود.
وبعد ذلك تحدث ديوك عما لاقاه الباحثون المنصفون في أوروبا وغيرها من مصادرة وكبت لنتائج بحوثهم التي أظهرت زيف كثير مما يُدَّعى بشأن الهولوكوست.
ومما قاله: (بعد قيامي ببحث عناصر حكاية الهولوكوست تبين لي أن الذين يتحدون بعض أجزائها لم يعودوا يُظلمون أكثر من أولئك الذين يناقشون النظرية الوحيدة بشأن اغتيال كينيدي). ولكاتب هذه السطور أن يضيف قول: إن أكثر من خمسة عشر إنساناً كان يمكن ان يلقوا الضوء على القوة الخفية التي اغتالته قد قضي عليهم أيضاً، ولم يتمكن أحد من فضح الذين اغتالوا الرئيس حقيقة وقضوا على من يمكن أن يفضحوهم.
وعنوان الفصل الحادي عشر من الكتاب (الغزو الغريب بقيادة اليهود) وقد بدأه المؤلف بقوله: (أدَّى تدفُّق الأوروبيين إلى أمريكا الشمالية إلى اقتلاع السكان الهنود من أرضهم وحصرهم في محتجزات، وبالمثل كان تدفق اليهود إلى فلسطين ضد مصالح الشعب الفلسطيني بلا رحمة)، ثم انتقل إلى الحديث عن هجرة اليهود إلى أمريكا وبيَّن دوافعهم، وكيف أنهم في الوقت الذي يدعون فيه إلى فتح أبواب أمريكا أمامهم يمنعون الفلسطينيين من العودة إلى وطنهم.
أما الفصل الثاني عشر من كتاب ديوك فعنوانه: (الاستراتيجية التطويرية اليهودية وادعاءات اليهود بالتفوق). وبعض الحديث فيه تكرار لبعض ما ورد في فصول أخرى أو إيضاح وتفصيل له، لكنه يختتمه بعبارات كثيراً ما فُهم مدلولها من بعض عبارات تلك الفصول وتتلخص في انطلاق المؤلف الفكري من زاوية عرقية، إذ يرى وجوب الحفاظ على العرق الأوروبي، الذي أنجز ما أنجز من حضارة في أمريكا، والدفاع عن تراثه أمام هجمات الغرباء وبخاصة اليهود.
ويرى كاتب هذه السطور أن الأوروبيين الذين استعمروا أمريكا، وأصبحت موطناً لهم، قد وصلوا إلى درجة عظيمة من التنظيم والتقدم العلمي بمختلف وجوهه، لكن حضارتهم متسمة بالمادية، وبعدم إنسانيتها في تعاملها مع الأمم الأخرى، ولا سيما الأمة العربية وبخاصة الفلسطينيين، والمتأمل في سيرة زعماء أمريكا بصفة عامة يدرك ذلك السوء في مواقفهم غاية الإدراك.
بل إنه يرى أيضاً أن من الرؤساء الأمريكيين وأعوانهم في الإدارة من كانوا - وما يزالون - لا يقلِّون في مواقفهم ضد أمتنا العربية بخاصة والمسلمين بعامة عن الصهيونيين أنفسهم، ومع الأسف الشديد أن أعداد الذين يسمون بالمحافظين الجدد تزداد يوماً بعد آخر في أمريكا.
وهذا ما يوحي بأن تلك المواقف لن تتوقف بل ربما ستزداد إن لم يدرك من توجه إليهم خطورة الوضع ويعملوا بجدٍّ للتصدي لها بدلاً من الارتماء في أحضان هؤلاء والتعاون معهم على تنفيذ مخططاتهم.
ويرى كاتب السطور أخيراً أن منطلق الكاتب ديوك العرقي منطلق مرفوض لكن ما كتبه عن الصهاينة العنصريين فيه معلومات موثقة جديرة بالتأمل والاعتبار.
|