بعث الاتحاد السوفيتي فتاة اسمها (فالينتينا تريشكوفا) لتهدئ من روع المسلمين من موقف الاتحاد السوفيتي في تدعيمها الهند لاحتلال الباكستان الشرقية. وقالت هذه الفتاة وهي تقابل الوفود الإسلامية: إن الاتحاد السوفيتي سيواصل مساعدته للعرب في البلدان العربية الذين هم ضحايا العدوان الاسرائيلي وإنه سيزيد المساعدات لإزالة آثار العدوان في الشرق الأوسط، ثم قالت الفتاة: ومن ضمن هذه المساعدات تقديم منح دراسية للفتيات العربيات للدراسة في معاهد روسيا.
هذه هي خلاصة التخدير الروسي على لسان هذه الفتاة لتهدئ العرب والمسلمين من غضبهم ضد روسيا، وقد يتراءى لأول وهلة أن هذا البيان أو التصريح في صالح العرب والمسلمين ولكن لمن يمعن النظر بالتدقيق يجد فيه سموما مبطنة كلها في غير صالح المسلمين، فقولها (إن الاتحاد السوفيتي سيواصل مساعدته للعرب)، إنما هو في حقيقة الأمر يعطي لإسرائيل سلاحا قويا لتشن حملات دعايتها للعالم بأن العرب يتلقون السلاح الفتاك لإبادة إسرائيل الصغيرة التي تريد الحياة بين جاراتها آمنة، وها هي روسيا تعهدت بتزويد العرب بالمساعدات وستستمر في المساعدات، فلا بد في مقابل هذا أن تجد وتحصل إسرائيل على أسلحة لتدافع عن نفسها أمام القوات العربية، والنتيجة ان الأسلحة الفتاكة التي تنهال على إسرائيل من كل جانب سراً أو علانية أضعاف مضاعفة لما يصل للعرب من أسلحة دفاعية من الاتحاد السوفيتي.
ومن هذا يتضح أن هذا التصريح الذي يخال انه في صالح العرب، انه في حقيقة ذاته في صالح إسرائيل مائة في المائة، وأن عبارة التصريح في قول الفتاة (فالينتينا تريشكوفا) لإزالة آثار العدوان في الشرق الأوسط يشم منها أن الاتحاد السوفيتي لا يريد حربا بين العرب واليهود وانما يريد ان تبقى الحالة كما هي الآن (لا سلم ولا حرب) وتبقى إسرائيل في مكانها حتى يظل التشبت بالاتحاد السوفيتي مستمرا، وتجد روسيا لها كل المبررات لتثبت ارتكاز أقدامها في الأماكن التي تريدها ضمن قناع برنامج المساعدات.
والأدهى من كل هذا وذاك قول الفتاة (فالينتينا تريشكوفا) إن من ضمن المساعدات تقديم منح دراسية للفتيات العربيات للدراسة في المعاهد الروسية؛ فما كفت روسيا تغرر بالشباب وتلقنهم المبادئ الهدامة والعقائد الالحادية حتى أرادت أن تغرر أيضا بالفتيات العربيات بطريقة المنح الدراسية للفتيات وهذا مخطط رهيب أقدم عليه الاتحاد السوفيتي لتحطيم وتمزيق العائلات العربية بعد أن مزقت المجتمع العربي كتل من الأحزاب وشتى الايديولوجيات، وطبعا كل هذا في صالح الشيوعية بلا مراء في تكملة هدم العقائد الإسلامية في الرجال والنساء.
والغريب أن كثيراً من المسلمين استقبلوا بيان (فالينتينا تريشكوفا) بالترحيب والتأييد والاكبار والتقدير للمساعدات السوفيتية ويعتبرونه رمزاً للصداقة وعنوانا لوفاء الاتحاد السوفيتي للمسلمين. وهكذا وضع المسلمون في دوامة لا نهاية لها، فهم لم يعتبروا بالماضي المؤلم ولا بالحوادث، حيث وقفت روسيا علناً تدعم الهند لاحتلال باكستان الشرقية، لا محبة في الهند، ولكن لتمزيق وتشتيت شمل المسلمين حتى يضعفوا.
|