تؤدي المذكرات التي يكتبها رجالات السياسة والثقافة والإعلام دوراً كبيراً في نقل أصحاب الخبرة والتجربة تجربتهم إلى الآخرين، لذا رأينا الكثير من كبار الساسة وأصحاب المناصب الرفيعة دَوَّنوا مذكراتهم الشخصية إما بسبب رغبتهم الشخصية أو تحت طلب وإلحاح الكثير ممن يريد أن يستفيد مما قدموه.
يقول الباحث العراقي الكبير كوركيس عواد (ت 1992م): (تدوين المذكرات لون من التأليف، يجمع بين ضروب شتى من أبواب المعرفة، ويدخل في ذلك: الأدب، التاريخ، البلدان، المشاهدات والتراجم، السير السياسية، وغير ذلك من الموضوعات التي تناولها كاتبو هذه المذكرات، معتمدين على المشاهدة والمعاينة، وقد يكون لبعضهم أثرٌ بَيِّنٌ في مجرى الأمور التي دونوها واِطِّلاعٌ واسعٌ على خفايها ودخائلها، وتتفاوت المذكرات فيما ترمي إليه من أغراض، وقد يتاح لأصحابها الكشف عن أسرار دفينة وغوامض لم يتأتَ للكثيرين الوقوف عليها).
قلت : أهمية كتب المذكرات والسيرة الذاتية أكبر وأكثر من أن تحصر في هذا المجال لكن حسبي أن أسير إلى أننا نلاحظ في المجتمعات الغربية ما أن يترك سياسي أو عسكري منصبه إلا ومن أول ما يقوم به هو نشر مذكراته في كتاب أو على شكل مقالات في إحدى الصحف وقد رأينا من ذلك الكثير.
ومن أكبر الأمثلة على ذلك أن (أغلب) القيادات اليهودية أخرجت مذكرات لها لتطلع عليها شعوبها ويعرفوا ما قدمه من قبل قبلهم في اغتصابهم للأراضي العربية، فقد كتب كل من الجنرال رفائيل ايتان وموشي ديان، كما كتبت غولدامائير وإسحاق رابين وشامير وغولدمان وكتب السفاح شارون مذكراته، وكل هذه المذكرات نشرت بأكثر من لغة بينها اللغة العربية.
وهنا ألا يحق لنا أن نتساءل: ما هو سحر الحرص الشديد عند هؤلاء على توثيق سيرهم في مقابل عدم اهتمام القيادات العربية على ذلك؟!
سؤال آخر: رجالات هذا الوطن الذين قدموا في كل المجالات هل نجد منهم من يكتب مذكراته حتى نشاهد تاريخنا المحلي بأكثر من قلم وبأكثر من رواية؟
للتواصل فاكس: 2092858
|