يُشرفني اليوم أن يكون تعقيبي على اثنين من كبار كتاب الجزيرة هما: حضرة صاحب الفضيلة الشيخ صالح السدلان - أستاذ الدراسات العليا بكلية الشريعة بجامعة الإمام حول الحديث الذي أجرته (الجزيرة) مع فضيلته حول الحكمة من زكاة الفطر وما يتعلق بها من وقت صرف وأهداف، والمهندس ناصر المطوع مدير عام شركة سمامة وعضو مجلس إدارة غرفة الرياض عن مقاله: (ليس كل شركة مساهمة ناجحة، وبعد التوكل على الله تعالى أستأذنهما وابتدئ مفتتحاً فأقول:
1-1 في سؤال لصاحب الفضيلة الشيخ السدلان عن حكم صرف الزكاة نقداً جاء رد فضيلته: (هناك بعض أهل العلم يرى أن يُعطى بدل الطعام نقوداً لكنه لا يتحقق بها الهدف المطلوب من زكاة الفطر)... الخ).
1-2 وفي السؤال التالي مباشرة: (وما هي الأهداف الرامية من زكاة الفطر؟ جاء رد فضيلته مباشرة: (ومع احترامي الشديد يكون العطاء قبل الأخذ - (وهذا يعطي زكاة وذاك يأخذ ويشتري ففيها ناحية اقتصادية تحريك السوق عند الباعة).
1-3 أقول لفضيلته: (إن الاستدراك الواقع في الواجب عن السؤال الأول: (لكنه لا يتحقق بها الهدف المطلوب من زكاة الفطر (يتعارض تماماً مع: (هذا يعطي زكاة وذاك يأخذ ويشتري.. الخ) لأن الشراء يعني حصول المشتري على سلعة يريدها مقابل دفع قيمتها نقداً وليس مقايضة.
قد يجوز أن يكون هناك لبس فليت فضيلته يتكرم بالتوضيح.
2-1 يبدو أن هناك سقطاً في مقال المهندس المطوع بدليل قوله: (السؤال هو) دون أن يكون هناك ما يفيد التساؤل، أياً كان، أما سؤاله:
- هل كان بإمكان صاحب العمل أن يتوقع بأي شكل من الأشكال حينما وظّف هذا الموظف قبل عشرين عاماً براتب قدره 5.000 ريال انه سيضطر لأن يدفع له هذا المبلغ الكبير دفعة واحدة بعد عشرين عاماً من توظيفه؟
نعم من المؤكد لأن تحديد الراتب - بداهة - يرتبط بالعمل المناط ولابد ان يكون المردود أعلى من التكلفة وعندما يكون المرتب بهذا الحجم فإنه لا يتحدد اعتباطا، واذكر ان أحد أعضاء اللجنة التي شكلتها الغرفة لبحث موضوع تحويلات الأجانب البالغة 60 ملياراً الذي سبق أن أثاره الأستاذ إبراهيم السعد البراهيم قال هذا العضو: (أنا عندما أحدّد راتب عامل بـ300 ريال فمن المؤكد انني سأحصل من ورائه على 900 ريال).
2-2 وأما سؤاله: أليس في هذا ضرر وظلم وغبن وضرر على صاحب العمل؟
فالإجابة: ما هو الضرر والظلم والغبن الذي وقع؟ ومن أوقعه؟
2-3 وأما سؤاله: أو ليس صاحب العمل يدفع هذا المبلغ الكبير عقاباً له على تشجيع الموظف وزيادة راتبه وابقائه في عمله طيلة هذه المدة؟
والاجابة: من المؤكد انك تتكلم عن حالة معينة لم توضح كامل أبعادها ولكن - ومع هذا - هل هناك يد خفية دفعته إلى زيادة راتب هذا الموظف، أو حرصت على ابقائه - تحت كفالته - قسرا طوال هذه المدة؟
2-4 أما قولك: (إن العقود بالتراضي، والواجب ان يترك نظام العمل لطرفي التعاقد مساحة للاتفاق على ما يحقق مصلحة الطرفين).
نعم.. العقود بالتراضي انطلاقاً من القاعدة: (العقد شريعة المتعاقدين) وأما طلبك وجوب ترك نظام العمل لطرفي التعاقد مساحة للاتفاق. الخ فلو رجعت إلى منطوق المادة (70) من نظام العمل والعمال الصادر بالمرسوم الملكي رقم م-21 بتاريخ 6-9-1389هـ لوجدت نصها: (عقد العمل هو عقد مبرم بين صاحب عمل وعامل يتعهد الأخير بموجبه ان يعمل تحت إدارة صاحب العمل أو إشرافه مقابل أجر، ويتضمن شروط العمل المتفق عليها بينهما وذلك لمدة محددة أو غير محددة أو القيام بعمل معيق).
2-5 وأما قولك - أخي الكريم - (ما دام الأجر هو العنصر الأهم والعنصر الأساسي في الاتفاق فإنه من باب أولى أن يترك تحديد مدة فترة التجربة ومدة العقد وقيمة مكافأة نهاية الخدمة وبدلات السكن والمواصلات لاتفاق الطرفين) فلي هنا أكثر من وقفة:
1- ليس الأجر هو العنصر الأهم لأن الأجر إنما يُّحدد وفقا للخدمة المنتظر أداؤها أو الجهد المبذول أو حجم الإنتاج المتوقع لهذا يكون العمل هو العنصر الأهم ولهذا تتباين الأجور داخل إطار المهنة الواحدة.
- ان الفترة المعنية تسمى فترة اختبار أو تحت الاختبار كما سمّاها النظام وليست فترة تجربة لأن العامل ليس آلة أو معدة.
- انه لو تُرك أمر تحديد فترة الاختبار لاتفاق الطرفين - كما تقول - ربما قضى بعض العمال سنوات عملهم كلها فترة اختبار.
- ان البدلات يتم تحديدها طبقاً لاتفاق الطرفين سواءً بصفة مستقلة أو مشمولة بالراتب، أما ما ورد تحديده بالنظام فهو الحد الادنى فقط.
- ان (المدة) و(الفترة) وجهان لعملة واحدة.
وأما قولك في آخر فقرة: (فنظام العمل يجب أن ينص ويلزم الطرفين بأن يُحددا (كتابة) في العقد قيمة الأجر ومدة العقد، وقيمة مكافأة نهاية الخدمة، والبدلات المختلفة).
فحتى لا أطيل لن أنشر نصوصاً ولكن أقول عليك بالرجوع إلى:
- المادة (70) مرجع سبق إيراده.
- المادتين 87، 88 من النظام حددتا بوضوح جَلِيّ مكافأة ترك الخدمة.
- المواد 134، 135، 136 حددت أبعاد الخدمة الطبية الواجبة على صاحب العمل.
- المواد 142، 143، 144، 145 حددت أبعاد خدمة النقل والسكن.
وختاماً اعتقد أخي الكريم أن في هذا كل العدل والحكمة والصواب.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
حمدين الشحات محمد
ص.ب 1726 بريدة |