Sunday 26th December,200411777العددالأحد 14 ,ذو القعدة 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "محليــات"

لما هو آت لما هو آت
أهكذا سمعتَهم يقولون فقلتَ؟!
د. خيرية السقاف

انبثقت لديَّ بعضُ الأفكار من خلال موضوع الأمس، الذي تناولتُ فيه مشروعيْ وزارة التَّربية والتَّعليم، ومركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، حيث يدور المشروعان حول تأهيل المواطن على اختلاف مراحل عمره لمواجهة التَّحديات الرَّاهنة والتي هي في حقيقة أمرها ليست مستحدثة، فمنذ تلاحم الإنسان مع الإنسان، وحمله عقائد مختلفة في صدره، يتحرك لها عقله بالتخطيط والتَّدبير، ومنذ أن علم الإنسان ما بين الإنسان والآخر من فروق فردية تمتد إلى تكوين حِزَم من الفروق بين جماعة وأخرى، فمجتمع وآخر، علم الإنسان منذها بأنَّ الأرض ليست سوى مجال صراع واحتكاك وحروب على اختلاف أنواع الحروب والصِّراعات، بعضها طبيعي يكون بين أفراد الأسرة داخل بيت واحد، وبعضها يختلف باختلاف التركيبة المجتمعيّة الصَّغيرة فالأكبر، وأشدُّ أنواع الحروب ضراوة هي حروب العقيدة، وأشدُّ أنواع الاستعداد أهمية، تلك التي تتعلق بإعداد الفرد للمنافحة عن عقيدته، سواء في منطق فِكْره، أو إحساسه، أو قوله، أو عمله... فهو يحتاج إلى أن يؤمن إيماناً مطلقاً بقضَّيته، وقضيَّة المسلم بدءاً معرفته، وإدراكه، المبنيان على اعتقاده ذلك الذي لا بد أن يؤسَّس على الإخلاص لدينه، ثم وطنه، ثمَّ أمَّته. هذا الإخلاص يتوجَّب له وجود برامج ذات آليات يخطط لها بوعي متناه بالغ الإدراك واسع النَّظر بعيد العمق، بحيث لا يكون هناك تناقض بين صفة المسلم التي يحملها هوَّية له، وبين سلوكه وخبراته. فأوَّل ما يمكن الوقوف عليه عند وضع الأغلب من أعداد المسلمين (أطفالاً) و(شباباً) و(بالغين) بجنسيهم عند محكِّ الاستفهام والاختبار لخبراتهم عن دينهم، ونبيِّهم، وصحابته، وتأريخ الإسلام بكلِّ مراحل الألف وأربعمائة عام منذ هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم في حدود المعارف العامة إنَّهم حتماً سيحصدون نتائج متدنِّية إلى أقسى مستوى. فالذي لا يكون مشبعاً في أمر دينه، وتاريخ أمته، وقضاياها وقيمها وأسسها وإيجابيِّها وبواطن أمرها فإنَّه حتماً لن يكون مؤهلاً للحوار ولا للسلوك وفق ما يُرجى منه.
لذلك، يحتاج المواطن إلى جرعات منظَّمة في تحصينه بثقافة صائبة وشاملة ومكينة في هذا الشأن لتعزيز انتمائه لوطنه ولأمته انطلاقاً من إيمانه بدينه وفهمه لأركانه فهم فكر وقلب لا فهم لسان فقط يردد ما لا يدرك.
إنَّ ما طرأ على مجتمعنا من أحداث يدعونا إلى التَّفكر العميق في الصورتين المتناقضتين بين فهم متزمِّت للدِّين، وبين سلوك يتناقض تماماً معه...، ولعلَّ المثل الذي يقول: (ربَّ ضارة نافعة) تبرز مصداقيته الآن...، ذلك لأنَّني عدت إلى عشرات من المقالات التي تحدثنا فيها عن ضرورة إعادة صياغة تربية وتنشئة الفرد فكراً وعقيدة وسلوكاً منذ عشرات السنوات ولم يلق لها بالاً مسؤولو التربية والتعليم، فيما يأخذ بأفكار الكتاب والمفكرين في المجتمعات التي تضع الآن آليات لإنسان العالم من أجل إعادة صياغته...
فأيُّهما أنجع لمجتمعنا العربي المسلم عامة، ومجتمعنا الذي انبثق منه الدِّين، وفيه قادته: أن يستيقظ الآن فيدرك أنَّنا خير أمَّة أخرجت للناس، ولابد من المحافظة على هذه الخيريّة بتأسيس حوار واع وترسيخ قاعدة سلوك قويم لدينا دعائمه؟ أم مع الموجة نقول: هه، هه، هكذا سمعتهم يقولون فقلت؟!
إنَّ الثقة في دعائم وأسس الإسلام، والعودة إلى نبعه الصَّافي، والنَّظر في الانطلاق منه إلى كلِّ ما يحقق منظومة السّلوك القويم هو حجر الأساس.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved